فلا بد من أن يشعر أصحاب كل مذهب أن مذهبهم ليس بمنأى عن الأخطاء كبيرة كانت أو صغيرة ؛ فإذا شعرنا بأخطائنا كان عندنا الاستعداد التام للتصحيح والتواضع والرحمة بسائر المخطئين، أما إن شعرنا بالتفرد بالصواب وأننا فقط الناجون يوم القيامة فهذا أول الأخطاء المنهجية الكبيرة بل هو من أعظم الأخطاء التي يجب علينا تصحيحها ؛ ولن نصححها إلا إذا عرفنا الأخطاء التفصيلية التي تحتوي عليها كتبنا ووقع فيها بعض علمائنا في الماضي نتيجة خصومات مذهبية أو اجتهادات خاطئة ثم صارت منهجا لنا أبعدنا عن النظرة الموضوعية للأمور ووضع الخطأ في مكانه الصحيح دون إهمال للأصول الإسلامية الجامعة بين المسلمين ، ولن نعرف الأخطاء التفصيلية إلا بمثل هذه الأبحاث التي تتناول مصادرنا الثانوية ( كتب العلماء) لا الأولية ( القرآن والسنة) بالنقد العلمي المبني الواضح على الأدلة الشرعية.
خامسا:
لم أقصد التعميم عندما أذكر كلمة (الحنابلة) أو (السلف من الحنابلة) وقد صرحت في أكثر من موضع أنني أريد ( الغلاة) فقط أو (مواطن الغلو).
وإذا كان ما ذكرته متفرقا وغير واضح فإنني أؤكد الأمر الآن بأنني أعرف أن الحنابلة كغيرهم من أصحاب المذاهب فيهم المعتدلون المنصفون الذين يحرصون على تجنب الأحاديث الموضوعة والإسرائيليات وتجنب التكفير أو التبديع الظالم يحرصون على معرفة حق الإسلام للمسلمين الآخرين ويدعون لجميع المسلمين ويؤلمهم مصائبهم مهما كان الاختلاف كبيرا؛ خاصة وأننا في عصر نحن أحوج إلى معرفة حق الإسلام لجميع المسلمين ونحن أيضا أحوج ما نكون إلى معرفة بعضنا معرفة متوازنة بلا تزوير مدائح ولا اختلاق مطاعن ولا مبالغة في مدح أو ذم.
مخ ۱۰