210

قلادت نار

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

خپرندوی

دار المنهاج

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

د خپرونکي ځای

جدة

ژانرونه

وكان ذلك في ذهابهم إلى الغزوة. وفي قفولهم من هذه الغزوة: اتفق حديث الإفك، قالت عائشة ﵂: لما قفل رسول الله ﷺ من غزوته ودنونا من المدينة .. أذّن ليلة بالرحيل، فقمت حين أذن بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت من شأني .. أقبلت إلى الرحل فلمست صدري؛ فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع (١)، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، ورحلوا هودجي على بعيري وهم يظنون أني فيه، وكان النّساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهنّ اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام (٢)، فلم يستنكر القوم حين رفعوا خفة الهودج، فاحتملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فتيممت منزلي الذي كنت [به]، وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، وكان صفوان بن معطّل السّلمي ثم الذّكواني قد عرّس من وراء الجيش، فادّلج عند منزلي (٣)، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي وجلبابي، فو الله ما كلمني بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته، فوطئ على يديها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرّسين في نحر الظهيرة (٤)، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول (٥). قال السّهيلي في «الروض»: (وكان صفوان ﵁ يكون على ساقة العسكر يلتقط ما سقط من متاع المسلمين حتى يأتيهم به، ولذلك تخلّف في هذا الحديث. قال: وروي: أنه كان ثقيل النوم لا يستيقظ حتى يرتحل الناس، ويؤيده حديث أبي داود: أن امرأة صفوان اشتكت به إلى رسول الله ﷺ، وذكرت أشياء

(١) الجزع: خرز فيه سواد وبياض، وأظفار: قال الحافظ في «الفتح» (٥/ ٢٧٣): (كذا للأكثر، وفي رواية الكشميهني: ظفار، وهو أصوب)، وقال في موضع آخر (٨/ ٤٥٩): (الرواية: أظفار-بألف-وأهل اللغة لا يعرفونه بألف) اهـ وظفار: مدينة باليمن ينسب إليها فيقال: جزع ظفاري، والله أعلم. (٢) العلقة: البلغة من الطعام، أو القليل منه. (٣) عرّس: نزل آخر الليل في السفر للاستراحة، وقد مرّ شرحها، وادّلج-بتشديد الدال مع الوصل-سار آخر الليل، وبقطعها مع سكون الدال: سار أول الليل، والمراد هنا: السير آخر الليل. (٤) نحر الظهيرة؛ أي: وقت القاتلة وشدة الحر. (٥) أخرجه البخاري (٢٦٦١) و(٤٧٥٠)، ومسلم (٢٧٧٠).

1 / 219