197

قلادت نار

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

خپرندوی

دار المنهاج

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

د خپرونکي ځای

جدة

ژانرونه

وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم؛ إذا زالت .. زالوا، وكانت قريش قد سرحت رواعيها في زرع الأنصار بقناة (١)، فحميت الأنصار لذلك، فحمل النبي ﷺ وأصحابه على المشركين، فهزموهم حتى قال البراء بن عازب ﵄: رأيت النساء- يعني: هندا وصواحبها-يشددن في الجبل هربا رفعن عن سوقهن حتى بدت خلاخلهن، فقال الرماة-أصحاب عبد الله بن جبير-: الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون (٢)؟ فأقبلوا على الغنيمة، وثبت عبد الله بن جبير في نفر دون العشرة، فلما رأى خالد بن الوليد ذلك ورأى ظهور المسلمين خالية من الرماة .. صاح في خيله، فحملوا على بقية الرماة، ثم أتى المسلمين من خلفهم، وجالت الريح فصارت دبورا بعد أن كانت صبا (٣)، وصرخ إبليس- لعنه الله-ألا إن محمدا قد قتل فانفضت صفوف المسلمين، وتزاحفت قريش بعد هزيمتها، وذلك بعد أن قتل على لوائها أحد عشر رجلا من بني عبد الدار، وبقي لواؤهم صريعا حتى رفعته لهم عمرة بنت علقمة الكنانية، فلاثوا به (٤)، وخلص العدو إلى رسول الله ﷺ، ورموه بالحجارة حتى وقع لشقه، وكسر رباعيته (٥) عتبة بن أبي وقاص-أخو سعد بن أبي وقاص-اليمنى السّفلى، وجرح شفته، وجرح ابن قميئة الليثي-واسمه عبد الله -وجه النبي ﷺ، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنتيه الكريمتين (٦)، وشجّه أيضا عبد الله بن شهاب الزهري جد الإمام محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، وهشّم البيضة على رأسه (٧)، وكان هؤلاء معهم أبيّ بن خلف الجمحي، تعاقدوا على قتله ﷺ، أو ليقتلنّ دونه، فمنعه الله منهم. قال سعد بن أبي وقاص ﵁: رأيت رسول الله ﷺ يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه كأشد القتال، عليهما ثياب بيض، ما رأيتهما قبل ولا بعد، وهما جبريل وميكائيل (٨).

(١) قناة: واد بالمدينة. (٢) أخرجه البخاري (٣٠٣٩)، وابن حبان (٤٧٣٨)، وأبو داود (٢٦٥٥)، والنسائي في «الكبرى» (١١٠١٣). (٣) الدّبور: الريح الغربية، والصبا: الريح الشرقية، والمقصود هنا: أن الحال قد انقلبت من الحسن إلى السيء. (٤) لاثوا به؛ أي: اجتمعوا حوله. (٥) الرباعية-على وزن ثمانية-الناب من الإنسان. (٦) المغفر: ما يلبس تحت البيضة، شبيه بحلق الدرع، يجعل في الرأس. (٧) أخرجه البخاري (٢٩١١)، ومسلم (١٧٩٠)، ومن ثم أسلم عبد الله بن شهاب هذا ومات بمكة، انظر «الإصابة» (٢/ ٣١٧). (٨) أخرجه البخاري (٤٠٥٤)، ومسلم (٢٣٠٦).

1 / 206