177

قلادت نار

قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر

خپرندوی

دار المنهاج

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

د خپرونکي ځای

جدة

ژانرونه

فقلت: يا رسول الله؛ لو أن بعضهم طأطأ بصره .. لأبصرنا، قال: «اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما» (١). وبعد الثلاث جاءهم الدليل بالراحلتين فارتحلوا، وأردف أبو بكر خلفه عامر بن فهيرة ليخدمهما، قال: فأخذ بهم طريق الساحل، وأخذت قريش عليهم بالرصد والطلب، وجعلوا دية كل واحد منهما لمن أسره أو قتله (٢). قال أبو بكر ﵁: (فأخذ علينا الرصد، فخرجنا ليلا، فاختبأنا ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة، ثم رفعت لنا صخرة، فأتيناها ولها شيء من ظل، ففرشت لرسول الله ﷺ فروة معي، ثم اضطجع، فانطلقت أنفض ما حوله (٣)؛ فإذا أنا براع قد أقبل في غنمه يريد من الصخرة الذي أردنا، فسألته: لمن أنت يا غلام؟ فقال: أنا لفلان، فقلت له: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، فقلت له: هل أنت حالب لنا؟ قال: نعم، فأخذ شاة من غنمه، فقلت: انفض الضّرع، قال: فحلب كثبة من لبن (٤)، ومعي إداوة من ماء عليها خرقة، قد روأتها لرسول الله ﷺ (٥)، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، ثم أتيت به رسول الله ﷺ، فقلت: اشرب يا رسول الله؛ فشرب حتى رضيت، ثم ارتحلنا بعد ما زالت الشمس والطلب في أثرنا، واتبعنا سراقة بن مالك بن جعشم ونحن في جلد من الأرض (٦)، فقلت: يا رسول الله؛ أتينا، فقال: «لا تحزن إن الله معنا»، فدعا عليه رسول الله ﷺ، فارتطمت فرسه إلى بطنها (٧)، فقال: إني علمت أنكما قد دعوتما عليّ، فادعوا الله لي، والله؛ لكما أن أرد الطلب، فدعا الله فنجا، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتكم ما ههنا، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال: ووفى لنا) (٨). وروي: أنهما مرا بخيمة أم معبد، واسمها: عاتكة بنت خالد الخزاعية الكعبية،

(١) «صحيح البخاري» (٣٩٢٢). (٢) أخرجه البخاري (٣٩٠٦)، وابن حبان (٦٢٨٠)، وأحمد (٤/ ١٧٥)، والطبراني في «الكبير» (٧/ ١٣٢). (٣) نفض المكان: نظر جميع ما فيه حتى يعرفه. (٤) الكثبة-بضم الكاف-: ملء القدح من اللبن. (٥) روأتها: استعذبتها وهيأتها لحفظ ما يصلح من الماء للشرب. (٦) الأرض الجلد: الصلبة المستوية. (٧) ارتطمت فرسه؛ أي: غاصت قوائمها. (٨) أخرجه البخاري (٣٦٥٢)، وابن حبان (٦٢٨١)، وأحمد (١/ ٢)، وأخرجه مسلم مختصرا (٢٠٠٩).

1 / 186