وقال الواقدي: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن مروان بن أبي سعيد بن العلي، قال: ((قال معاوية ليزيد وهو يوصيه عند الموت: يا يزيد اتق الله فقد وطأت لك هذا الأمر، (وتوليت) من ذلك ما وليت فإن يك خيرا فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به فارفق بالناس واغمض عما بلغك من قول تؤذى به وتنتقص به، وطال عليه يهنك عيشك، وتصلح لك رعيتك، وإياك والمناقشة وحمل الغضب، فإنك تملك نفسك ورعيتك، وإياك وجفوة أهل الشرف واستهانتهم والتكبر عليهم. (لن) لهم لينا بحيث لا يرون منك ضعفا ولا جورا، وأوطئهم فراشك، وقربهم إليك، وادنهم منك فإنهم يعلون لك حقك ولا تهنهم ولا تستخفن بحقهم فيهينوك ويستخفوا بحقك ويقعوا فيك، فإذا أردت أمرا فادع المسنين والتجربة من أهل الخير من المشايخ وأهل التقوى، فشاورهم ولا تخالفهم وإياك والاستبداد برأيك، فإن الرأي ليس في صدر واحد، وصدق من أشار عليك إذا حملك على ما تعرف، واحذف ذلك عن سياستك وخدمتك، وشمر إزارك، وتعاهد جندك، وأصلح نفسك تصلح لك الناس، لا تدع لهم فيهم مقالا فإن الناس سراع إلى الشر واحضر الصلاة فإنك إذا فعلت ما أوصيك به عرف الناس لك حقك، وعظمت مملكتك وعظمت في أعين الناس، واعرف شرف أهل المدينة ومكة فإنهم أصلك وعشيرتك، واحفظ لأهل الشام شرفهم فإنهم أنصارك وحماتك وجندك الذين بهم تصول وتنتصر على أعدائك، وتصل إلى أهل طاعتك، واكتب إلى أمصارك بكتاب تعدهم فيه منك المعروف فإن ذلك يبسط آمالهم، وإن وفد عليك وافد من الكور كلها فأحسن إليهم وأكرمهم فإنهم لمن وراءهم، ولا تعتمد قول قاذف ولا عاجل فإني رأيتهم وزراء سوء)).
مخ ۳۴