وليس العجب من الشيعة، فإنهم يسبون الصحابة وسلف الأمة، فلا عجب من الطعن على الأئمة الحنفية، إنما العجب من جهلة أهل السنة يقولون ما لا يفهمون، ويطعنون بما يحسبون أنهم يحسنون.
وقد حضر عندي وأنا جالس بالمسجد وقت صلاة الظهر قبل هذا الشهر بشهور أربعة أو خمسة رجل شيعي ورجال من أهل السنة لفصل النزاع الواقع بينهم، وهو أن الشيعي أحضر كتابا لبعض علماء مذهبه فيه ذكر مسألة سقوط الحد بالوطء بالمحارم بعد العقد منسوبا إلى أبي حنيفة وطعن عليه بهذه المسألة.
وادعى الشيعي أن هذا حلال في مذهبكم؛ لأن سقوط الحد آية الحلة، وقالت أهل السنة: بالحرمة، فلما حضروا عندي، وبينوا ما فيه النزاع.
قلت: هذه المسألة موجودة في كتبنا، ونسبة سقوط الحد بالنكاح صحيحة إلى إمامنا، لكن ليس أن هذا الفعل أي النكاح بالمحرم أو الوطء بعده مباح.
فقال الشيعي: كيف لا يكون كذلك، وإذا لم يجب الحد، وهو عبارة عن عقوبة السيئة، علم أنه لم يوجد الذنب.
فقلت: الحد ليس عبارة عن مطلق العقوبة، بل عن العقوبة المقدرة الشرعية: كحد الزنا، وحد شرب الخمر، وحد القذف، وغيره، فلو ارتكب أحد منكرا، وضربه المحتسب(1) بالأيدي والنعال لا يسمى ذلك حدا. وكذا إذا قتل الحاكم رجلا مفسدا سياسة لا يسمى ذلك حدا.
فعاد قائلا: لا نسلم أن الحد عبارة عن ذلك، بل هو في العرف يطلق على مطلق العقوبة.
مخ ۱۰