إذا عرفت هذا فنقول : إذا فتح آخذا من المصحف، فكأنه قرأ من المصحف، أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني؛ فلأن الفتح يتضمن(1)القراءة لا محالة، وقد مر أن قراءة المصلي من المصحف مفسدة، فتشكر.
وأما صلاة المستفتح؛ فلأنه تلقن من الخارج بواسطة المؤتم الآخذ من الخارج، والأخذ من الخارج مفسد، وأيضا لما أخذ المؤتم من المصحف فسدت صلاته، فأخذ الإمام صار ممن ليس معه في الصلاة، وهو مفسد كما مر.
وأما صلاة باقي المقتدين؛ فلفساد صلاة الإمام؛ فثبت أنه يفسد صلاة الكل، وذلك ما أردناه.
قلت: ومنه يعلم فساد صلاة المصلي فيما إذا سمعه من الطير، وأخذ منه، ولم أره صريحا.
ثم أقول: هذا كله عند أبي حنيفة، وهو المعتمد.
وينبغي أن لا تفسد(2)الصلاة في صورة الأخذ من المصحف عندهما كما لا تفسد(3)الصلاة بقراءته عن المصحف.
ويخطر بقلبي: أنه يمكن الفرق بين الصورتين عندهما أيضا، بأنهما(4)إنما لا يقولان بالفساد في صورة القراءة؛ لأن القراءة عبادة انضمت إلى عبادة أخرى، وهي النظر في المصحف، فلا وجه للفساد هناك، وهذا الأمر مفقود فيما نحن فيه؛ لأن الفتح ليس بعبادة مقصودة، بل هو كلام معنى، والقياس يقتضي فساد الصلاة به، وإنما جوزناه للضرورة فيقتصر على موضع الضرورة، فينبغي الفساد بالفتح أخذا من الخارج المفسد للصلاة، والله أعلم وعلمه أحكم.
مخ ۱۵