Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

Izz al-Din Abd al-Salam d. 660 AH
129

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

خپرندوی

مكتبة الكليات الأزهرية

د خپرونکي ځای

القاهرة

الَّذِي لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْجِهَادِ يَدَ نَفْسِهِ أَوْ رِجْلَ نَفْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسَاوِي الْأَعْضَاءِ فِي الْأَبْدَالِ تَسَاوِي تَفْوِيتِهَا فِي الْآثَامِ. وَكَذَلِكَ فَقْءُ الْعَيْنَيْنِ أَشَدُّ إثْمًا مِنْ صَلْمِ الْأُذُنَيْنِ، وَكَذَلِكَ قَطْعُ الرِّجْلَيْنِ أَعْظَمُ وِزْرًا مِنْ قَطْعِ أَصَابِعِهِمَا، وَكَذَلِكَ قَطْعُ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ أَعْظَمُ وِزْرًا مِنْ قَطْعِ الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ مِنْهُمَا. وَالْمَدَارُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَلَى رُتَبِ تَفْوِيتِ الْمَصَالِحِ وَتَحْقِيقِ الْمَفَاسِدِ. فَكُلُّ عُضْوٍ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ أَتَمَّ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ أَعْظَمَ وِزْرًا، فَلَيْسَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْعَقْلِ وَاللِّسَانِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْخَنَاصِرِ وَالْآذَانِ. [فَصْلٌ فِيمَا يُؤْجَرُ عَلَى قَصْدِهِ دُونَ فِعْلِهِ] ِ وَتَخْتَلِفُ الْأُجُورُ بِاخْتِلَافِ رُتَبِ الْمَصَالِحِ؛ فَإِذَا تَحَقَّقَتْ الْأَسْبَابُ وَالشَّرَائِطُ وَالْأَرْكَانُ فِي الْبَاطِنِ، فَإِنْ ثَبَتَ فِي الظَّاهِرِ مَا يُوَافِقُ الْبَاطِنَ مِنْ تَحَقُّقِ الْأَسْبَابِ وَالشَّرَائِطِ وَالْأَرْكَانِ، فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُ الشَّرْعِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ثَوَابُ الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَذَبَ الظَّنُّ بِأَنْ ثَبَتَ فِي الظَّاهِرِ مَا يُخَالِفُ الْبَاطِنَ، أُثِيبَ الْمُكَلَّفُ عَلَى قَصْدِ الْعَمَلِ بِالْحَقِّ، وَلَا يُثَابُ عَلَى عَمَلِهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَلَا ثَوَابَ عَلَى الْخَطَأِ، لِأَنَّهُ مَفْسَدَةٌ وَلَا ثَوَابَ عَلَى الْمَفَاسِدِ وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْإِنْسَانُ مِنْ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَنَاكِحِ وَالْمَسَاكِنِ الْمَرَاكِبِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِحِلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ صَدَقَ ظَنُّهُ فَغَلَبَ حَصَلَتْ الْمَصْلَحَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ إبَاحَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَذَبَ ظَنُّهُ، لَزِمَهُ ضَمَانُ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ. الْمِثَالُ الثَّانِي مَا يُنْفِقُهُ الْمُكَلَّفُ مِنْ الْأَمْوَالِ فِي الْقُرُبَاتِ: كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْأَوْقَافِ وَالصَّدَقَاتِ وَعِمَارَةِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَالْمَسَاجِدِ وَالضَّحَايَا وَالْهَدَايَا وَالْوَصَايَا وَجَمِيعِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مِنْ الْأَمْوَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ بِحِلِّ شَيْءٍ مِنْ

1 / 131