192

السبب الثاني: عجز خيفة، وهو أن يخاف على نفسه إذا عدل إلى الماء عدوا يهلكه أو سبعا يتلفه (1)، فكل هذه الأحوال التيمم له بها جائز، وليس عليه ولا له أن يحمل نفسه على حالة مخوفة، ولا أن يعرضها لخطة متلفة، وقد يسر الله على عباده تخفيفا،

وكان بهم - والحمد لله - لطيفا (2). وقد قيل: إن الخوف على المال لا يلحق

بالخوف على النفس في الإباحة.

وإن وجد الماء بثمن يباع به قبل ذلك فإن عليه أن يشتريه، وإن امتنع منه إلا بثمن يجحف به لقلة دراهمه أو لكثرة الزيادة على ثمنه المعتاد لم يلزمه شراؤه، وأما بثمن المثل وما لا يجحف به فإنه يلزمه، إلا إن احتاج إلى الثمن لنفقة سفره (3).

--------------------

قوله التيمم له بها جائز: لو قال: التيمم عليه بها واجب، وليس له ... الخ، لكان أظهر وأخصر.

قوله لخطة متلفة: في "الصحاح":» الخطة بالضم: الأمر والقصة ... الخ «(4).

قوله وقد يسر الله على عباده ... الخ: كأنه يشير لقوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء:29].

قوله وقد قيل: إن الخوف على المال ... الخ: هذا ضعيف، لأن الصحيح أن الخوف على المال كالخوف على النفس في إباحة التيمم، بدليل قصة عقد عائشة - رضي الله عنه - ا (5).

قوله يجحف به: في "الصحاح":» أجحف به أي: ذهب به ... الخ «(6).

__________

(1) - في د: يفترسه.

(2) - في ج: وكان الله بهم رحيما والحمد لله ... .

(3) - في أ: لنفقته في سفره.

(4) - الجوهري: باب الطاء، فصل الخاء: خطط.

(5) - استعارت رضي الله عنها قلادة من أسماء، فضاعت منها وهي في سفر مع =

(6) - الجوهري: باب الفاء، فصل الجيم: جحف.

=رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل في بعض الروايات أن ذلك كان في غزوة بني المصطلق - فبعث ... - صلى الله عليه وسلم - رجالا في طلبها، فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولا ماء معهم، فشكا الصحابة ذلك له - صلى الله عليه وسلم - فنزلت آية التيمم. ممن أخرج ذلك البخاري: كتاب التيمم، رقم: 322؛ ومسلم: كتاب الحيض، رقم: 550؛ والنسائي: كتاب الطهارة، رقم: 308؛ وأبو داود: كتاب الطهارة، رقم: 273؛ وابن ماجة: كتاب الطهارة وسننها، رقم: 561؛ وأحمد: باقي مسند الأنصار، رقم: 24283؛ ومالك: كتاب الطهارة، رقم: 110؛ والدارمي: كتاب الطهارة، رقم: 739. قال الشيخ عامر الشماخي:» ألا ترى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أقام على غير ماء لأجل العقد، وهو مال الغير، لئلا يذهب، فجعل اشتغاله بحفظ المال أعظم من اشتغاله بطلب الماء ... «، (الإيضاح، 1/ 280).

مخ ۱۹۲