قال الفتى: «وما ذاك ياعم؟»
وكأنما أحس الشيخ أنه قد استنفد كل ما في طاقته من ذخر، حتى لا يكاد يجد جوابا عن سؤال الشاب الملحاح، وخشي أن يفلت من يده زمامه، فأسرع إلى الجواب مرتجلا: «لقد تأذن ربك أن يديل للدولة
14
من بني طولون، فألهم أباك أمرا يسرع بهم إلى الخاتمة.»
قال الفتى، وقد عادت ابتسامته العابسة: «تعني زواجه قطر الندى؟»
قال الشيخ، وكاد يغص بريقه: «نعم.»
وصمت برهة ثم استدرك كأنما أوحي إليه: «نعم، وسيكون هذا الزواج سببا إلى فقر الطولونية فتدول دولتهم، فإنما يستند سلطانهم أول ما يستند إلى المال، فإذا أقفرت منه خزائنهم فقد انهار ذلك السلطان.»
وضحك الشيخ ضحكة عميقة كأنما سخر من نفسه إذ غابت عنه هذه الحقيقة فلم ينتبه إليها إلا وقد جرت على لسانه من غير تفكير ولا وعي، وثابت نفسه إلى الطمأنينة والرضا، فقال وفي صوته هدوء الإيمان: «الحمد لله، لقد آمنت أن دولة بني العباس لم تعقم.»
قال علي بن المعتضد: «الحمد لله.»
3
ناپیژندل شوی مخ