من الطاعة والولاء لدولة الخلافة، وقد أبعد خمارويه في طريقه إلى مصر، وزعم أن البلاد قد دانت له، فقد حانت الفرصة لتأتيه من مأمنه فتكبه على وجه، فتظهر من ذلك بحظك من الإمارة، وتنال ثأرك من عدوك، وتحقق للدولة ما تأمل على يديك من المنعة والسلطان.»
قال ابن أبي الساج: «ويراني الموفق أهلا لكل ذلك؟»
قال أبو سعيد: «ولأكثر من ذلك، فلم يخف على مولاي أنك لم تعط خمارويه الطاعة إلا مصانعة، حتى تستمكن منه فتثب وثبتك، ثم ليجتمع لك من مال الولاية ما اجتمع لتنفقه في حربه حتى تظفر به.»
قال وصوته يختلج من التأثر: «وعند مولاي علم ذلك كله؟»
قال أبو سعيد: «وإنه ليعلم ما وراء ذلك مما لا آذن لنفسي أن أحدثك به.»
وصمت ابن أبي الساج برهة، وقد غشى عينيه الدمع، ثم نظر في وجه محدثه، وهو يقول في لهجة فيها صرامة وحزم: «فسيطيب لمولاي الموفق منذ اليوم ما أبلي
53
في الدفاع عن وحدة الدولة.»
ثم لم يكد يودع صاحبه حتى أخذ في شأنه يدبر أمر الجيش. •••
وكأنما كان جيش ابن أبي الساج مما نفخ فيه قائده من روحه وعزمه يطير طير السحاب، فما مضى شهر حتى أوغل في الشام وحاز البلاد والأموال وصفد الأسرى
ناپیژندل شوی مخ