هذا عامل من عمال الخليفة يرى الولاء للدولة منة، وكان عليه فريضة، واستعلن بنيته وكان حقيقا بأن يستخفي.
أكان الموفق بما طلب منه يحاول إيقاعه، أم يستعجله بالعصيان؟
واستحكمت العداوة بين الرجلين منذ اليوم، وأيقن كل منهما أنه من صاحبه بإزاء خصم قوي إن لم يأكله أكله، فإما دولة بني العباس وإما أحمد بن طولون. •••
هز الموفق رأسه أسفا، وأغرق في صمت، وأظلته سحابة عابرة فرفع إليها رأسه، وغمغم بكلام لا يبين، وحضرته كلمة جده الرشيد للسحابة الممطرة: «أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك.»
56
فابتسم الموفق ابتسامة كاسفة، وهو يقول في تحسر: «أوشكت والله كلمة الرشيد أن تتمصر، فتصير دولة الخلافة طولونية.»
57
قال جليسه: «هون عليك أيها الأمير، فسيكفيكه الله بغير جهد عليك، وماذا يكون شأن ابن طولون، وأنت أنت؟»
قال الموفق: «شأنه شأن الجالس على عرش مصر: في يده ثروة الدنيا، وتحت قدميه كنوز الفراعين، وأنا فيما ترى من الجهد والبلاء بحرب صاحب الزنج.» •••
وألقت ضرورات السياسة قناعا على ما بين الرجلين من عداوة إلى حين، ولكن كليهما كان يعلم أين مكانه من صاحبه على التحديد ...
ناپیژندل شوی مخ