وصفاته العليا، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون (١) في أسمائه وآياته، ولا يكيفون، ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه، ولا يعطلونها، لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه (٢) لأنه. . . ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] وهو سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا، وأحسن حديثا من خلقه، ورسله صادقون مصدقون، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون، ولذلك قال: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ - وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢] فسبح نفسه عما وصف به المخالفون للرسل وسلم على المرسلين، لسلامة ما قالوه من النقص والعيب والخلل والزلل. وقد جمع الله ﷾ فيما وصف به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاءت به المرسلون، فإنه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
ومن هذه الجملة ما وصف به نفسه في سورة الإخلاص، التي تعدل ثلث القرآن (٣) على لسان محمد ﷺ فقال: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١ - ٤] وما
_________
(١) الإلحاد في الأسماء والصفات الميل بها عن الحق الثابت إلى الشرك والكفر والتعطيل وله أقسام خمسة: ١ - تسمية الله بما لا يليق بجلاله وعظمته ﵎ ٢ - تسمية بعض المخلوقات ببعض ما سمى الله به نفسه ٣ - وصفه ﷿ بما يتنزه ويتقدس عنه ٤ - تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها وزعم أنها ألفاظ مجردة لا معاني لها ٥ - تشبيه صفات الله ﵎ بصفات الخلق. انظر " مختصر الصواعق (٢ / ١١٠) .
(٢) لقوله تعالى: فَلَا تَضْرِبُوا لله الْأَمْثَالَ. . [النحل: ٧٤] واعلم أن كل ما وصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به وكل ما نزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزه لقوله تعالى:. . . وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى. . . [الروم: ٢٧] والله أعلم. انظر " الكواشف الجلية عن معاني الواسطية " (ص ١٠٢) .
(٣) كما في الصحيحين: البخاري (٥ / ٥٩ فتح الباري) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁ ومسلم (٨١٢) من حديث أبي هريرة ﵁ ولفظ البخاري: " والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن ".
1 / 34