ثم بلهجة تهكمية: جربت حظها مع الشباب فأخفقت، أعني الشباب الذين لا يرفعون رأسا، فلتجرب حظها مع الرجال العقلاء.
فقالت أمينة بأسف: كان ياسين بها أولى، على الأقل من أجل خاطر ابنهما.
كان هذا رأي السيد، وعنه دافع طويلا لدى محمد عفت، بيد أنه لم يعلن موافقته على رأيها؛ مداراة لخيبة مسعاه، فقال متسخطا: لم يعد للرجل به من ثقة، والحق أنه غير جدير بالثقة؛ لذلك لم ألح عليه، لم أقبل أن أستغل صداقتنا في حمله على ما لا خير فيه.
فغمغمت أمينة بشيء من الإشفاق: هفوة شباب لا يضيق عنها العفو.
هان على السيد أن يعترف بجانب من مسعاه الخائب، فقال: لم أقصر في حقه، ولكني لم أصادف ترحيبا، وقال لي محمد عفت برجاء: «إن السبب الأول في اعتذاري هو إشفاقي من تعريض صداقتنا إلى الشقاق»، وقال لي أيضا: «لا أستطيع أن أرفض لك رجاء، ولكن صداقتنا أعز لدي من رجائك» ... فأمسكت عن الكلام.
قال محمد عفت هذا حقا، ولكنه لم يصرح به إلا مدافعة لإلحاحه، والحق أن السيد كان شديد الرغبة في وصل ما انقطع من مصاهرة محمد عفت لمكانته من نفسه، ومكانة أسرته من المجتمع، ولم يكن يطمع في أن يجد لياسين زوجة خيرا من زينب، ولكنه لم يسعه إلا التسليم بالهزيمة، خاصة بعد أن صارحه الرجل بما يعلم عن حياة ياسين الخاصة، حتى قال له: «لا تقل لي إننا نحن أنفسنا لا نختلف عن ياسين، فالحق أننا نختلف بعض الشيء، والحق أني لا أرتضي لزينب ما ارتضيت لأمها.»
تساءلت أمينة: هل علم ياسين بما كان؟ - سيعلم غدا أو بعد غد، هل ترينه يكترث لذلك؟ إنه أبعد ما يكون عن تقدير الزيجة المشرفة.
فهزت أمينة رأسها أسفا، ثم تساءلت: ورضوان؟
فقال السيد مقطبا: سيبقى عند جده، أو يلحق بأمه إن لم يصبر على فراقها، الله يحير من حيره! - مسكين يا ربي، أمه في ناحية، وأبوه في ناحية، أتطيق زينب فراقه؟
فقال السيد فيما يشبه الازدراء: للضرورة أحكام (ثم متسائلا) متى يبلغ السن؟ ... ألا تذكرين؟
ناپیژندل شوی مخ