وران الصمت عليهما، لم تستطع سهير أن تسأل لماذا فعلت ما فعلت، ولم يستطع هو أن يبين، صمت كلاهما، وصفي يعلم ما يدور بنفسها، وهي لا تعلم إلا أنه يدرك ما يدور بنفسها، ثم لا تعرف جوابا على هذا السؤال الذي ظل أعواما يلح عليها فلا تجد له جوابا شافيا، أو لعلها تعرف الجواب، ولكنها أيضا تعرف أن وصفي لن يستطيع أن يطالعها بهذا الجواب الذي تعرفه، ماذا تراه قائلا؟ أيقول لها إنه لم يعجبه منها أن تلتقي به قبل الزواج؟ ماذا تراه قائلا؟ إنها تريد أن تسأله، تريد أن تبلو لباقته التي درب عليها في ميادين الأدب والسياسة والمجتمع، كيف سيفسر لها هذا الشقاء الذي ألقى بها إليه!
وفجأة قال وصفي: سهير أريد أن ألقاك.
وذهلت سهير لحظة، ثم قالت في تخابث وعدم مبالاة: ها أنت ذا تلقاني. - وحدنا، في مكاننا، هناك عند القارب، اليوم، الساعة السادسة من مساء اليوم.
وقبل أن تقول «لا» دخل سليمان، فراح وصفي يتكلم، وكأنه يكمل حديثا لم يقطعه دخول سليمان. - بل إن الشاعر الذي يقول:
وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما
يظنان كل الظن ألا تلاقيا
أحب إلي من الشعراء المتشائمين، فالأدب عندي متعة، والتفاؤل أجدر بالشعراء.
وقال سليمان: ماذا؟! فتحتم باب الشعر؟ لا مكان لي إذن.
وقال وصفي: هيه؟ ماذا قالوا لك في المستخدمين؟ - يا سيدي ألف شكر، لقد أمر الوزير بترقيتي.
ونظرت سهير إلى سليمان، ثم نظرت إلى وصفي وكأنما تشهده على ما فعله بها، ثم قامت من الحجرة.
ناپیژندل شوی مخ