انگلستان او سویز کانال: ۱۸۵۴–۱۹۵۱م
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
ژانرونه
فتح إذن المحيط الأطلنطي لأول مرة في تاريخ البشرية للتجارة العالمية، بعد أن كان بحر الظلمات، بحرا مغلقا يكتنفه الغموض والأسرار والمخاطر، وتحول إليه نشاط الدول القومية الأوربية التي نشأت في غرب أوروبا، لقد استيقظت هذه الدول للوحدة والنمو والاستعمار والتوسع والاستحواذ على تجارة الشرق التي تجلب الثروة والغنى والقوة، استيقظت هذه الدول لاستغلال شعوب الشرق التي حل بها الضعف والوهن، وتمزقت وحدتها، وتدهورت حكوماتها.
وكان أهم هذه الدول الناشئة: البرتغال وإنجلترا وفرنسا والأراضي المنخفضة - هولندا.
سارعت هذه الدول يدفعها نشاطها وحبها للكسب والمغامرة إلى الهند والشرق الأقصى، بلد العجائب الذي تجمعت حوله الأسرار والأساطير، ونسجت حوله القصص الغريبة، تنشئ المحطات التجارية والمستعمرات والقواعد البحرية، وتكونت في الهند وفي الشرق الأقصى بصفة خاصة الإمبراطوريات الاستعمارية القوية الإنجليزية والفرنسية والهولندية.
وقام النزاع عنيفا وحادا لا يبقي ولا يذر بين الإنجليز والفرنسيين، وانتهى أخيرا بتفوق الإنجليز في ذلك الميدان.
وفي هذا الوقت الذي كانت فيه هذه الدول - دول غرب أوروبا - تشرئب للحياة والتوسع والاستعمار، كانت دول البحر الأبيض المتوسط التي ازدهرت على تجارة الشرق، وخاصة مصر، تزداد ضعفا على ضعف وتضمحل بالتدريج، وانتهى الأمر باحتلال الأتراك الحربي لمصر في أوائل القرن السادس عشر الميلادي.
ولكن احتلال الأتراك لمصر لم يعمل على تحسن الأحوال في وادي النيل، بل ازدادت الحال خلال عهد الأتراك الطويل سوءا على سوء من كل النواحي؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ثم أخذ الأتراك أنفسهم منذ النصف الثاني للقرن السابع عشر في الضعف والانحلال، وانتهى بهم الأمر إلى أن أصبحوا هم ودولتهم التي امتدت في شرقي البحر الأبيض المتوسط مطمعا للدول الأوربية الغربية.
ولم يأت القرن الثامن عشر إلا وقد أخذت الدول الكبرى الأوربية تفكر جديا في كيفية تقسيم ممتلكات الأتراك وفي إحياء الطريق القديمة للتجارة؛ طريق مصر؛ فإن نظرة واحدة إلى خريطة العالم تكفي لأن ترى أن مصر تقع في منطقة هي ملتقى القارات الثلاث؛ أوروبا وآسيا وأفريقيا، وأنها بموقعها الجغرافي هي أقرب وأيسر طريق بين الشرق والغرب، وأنه ليس من المستحيل وصل البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، إما بطريق برية أو بطريق مائية، فلقد وجدت الطريقان في القديم وفي العصور الوسطى.
ومن أهم الدول التي اهتمت بفتح هذه الطريق فرنسا، فحكومتها تحاول منذ القرن السابع عشر أن تقنع العثمانيين بقيمة فتح هذه الطريق للتجارة الشرقية، وبذلت في ذلك جملة محاولات، ولكن جهود فرنسا في هذه الناحية أثارت حسد إنجلترا، وخاصة في وقت كان التنازع الاستعماري بين الدولتين على أشده، ووجد بعض مواطني إنجلترا في الشرق الأدني أنه ربما كان من الخير لوطنهم أن يشارك في فتح هذه الطريق التي ربما تحولت إليها تجارة الهند والشرق، فإعادة فتح هذه الطريق قد تعود على إنجلترا بالخير العميم، وربما عملت على نمو التجارة البريطانية.
وما إن تبوأ علي بك الكبير الحكم في مصر، وسيطر على بلاد العرب، وأعاد لمصر بعض مركزها القديم؛ حتى زاد اهتمام الفرنسيين والإنجليز ببذل جهودهما في ذلك السبيل، فالإنجليز من ناحيتهم يودون لو فتح طريق البحر الأحمر إلى السويس لسفنهم الآتية من الهند والمحيط الهندي، والفرنسيون يودون لو استطاعوا الاستيلاء على تجارة الشرق عن طريق تحويلها إلى طريق مصر.
ولكن الإنجليز والفرنسيين لم يظفروا في آخر الأمر بنجاح؛ فقد وجدوا عقبات كأداء في طريقهم لا بد من تذليلها، فالدولة العثمانية وإن تظاهرت بالإصغاء إلى آرائهم؛ إلا أنها كانت أحرص من أن تأذن بفتح هذه الطريق التي تجعل ممتلكات الدولة العثمانية في شرقي البحر الأبيض المتوسط ميدانا جديدا للتنافس والتوسع الأوربي.
ناپیژندل شوی مخ