انگلستان او سویز کانال: ۱۸۵۴–۱۹۵۱م
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
ژانرونه
على أنه يظهر أن ديزريلي لم يفهم تماما إلى سنة 1880 عظم أهمية القناة في المواصلات الإمبراطورية إلى الشرق، فكان يرى أن الأستانة هي التي تشرف على الطريق إلى الهند لا مصر ولا قناة السويس.
ولذا كان يفضل دائما الاستيلاء على آسيا الصغرى ذاتها، ويرى أن احتلال إنجلترا لمصر وقناة السويس في الوقت الحاضر لن يفيدها كثيرا، بل سيفسد إلى حد كبير علاقاتها مع فرنسا.
ولذا لم تعد الحكومة الإنجليزية في عهده توجه انتباها كبيرا لعروض بسمرك، كان المستشار الألماني في ذلك الوقت يرى أن تستولي إنجلترا على مصر وتشرف على قناة السويس كنصيبها من ممتلكات الدولة العثمانية التي أخذت في الضعف والتدهور، ففي مصر والقناة - كما يرى - تعويض كبير لإنجلترا إذا سيطرت الدولة الروسية، وهي صديقته الشرقية، على شرقي البلقان وعلى مداخل البحر الأسود، ولقد حرص بسمرك حرصا شديدا على توجيه نظر الحكومة البريطانية لانتهاز فرصة المسألة الشرقية واقتناص مصر.
ففي مذكرات مطولة له بين أنه إذا استشير فيما يجب أن تكون عليه سياسة إنجلترا الخارجية، فإنه يقترح أن تنتهج بريطانيا العظمى نفس السنن الذي تنتهجه روسيا، فإذا كانت روسيا تريد أن تستحوذ على النقط الاستراتيجية اللازمة لها بالسيطرة على المضايق؛ البوسفور والدردنيل، والإشراف على الأستانة، فعلى الحكومة الإنجليزية أن تقابل ذلك بالسيطرة على مصر وقناة السويس، وكما يقول: «إنه من الخير لبريطانيا أن تأخذ قناة السويس والإسكندرية بدلا من أن تعلن الحرب على روسيا، وبذلك وحده تتوثق عرى السلم في أوروبا.»
وهو يرى أنه إذا خشيت الحكومة البريطانية من اتباع مثل هذه السياسة، عداء فرنسا ومناوأتها، فما عليها إلا أن تبحث مع الفرنسيين أمر تقسيم الشرق الأدنى إلى مناطق نفوذ، فتوافق فرنسا على تفوق النفوذ الإنجليزي في مصر وقناة السويس، نظير موافقة الإنجليز على تفوق النفوذ الفرنسي في سوريا.
ولكن الحكومة الإنجليزية - حكومة المحافظين - ما كانت تقبل بسهولة مثل هذه الاقتراحات، فرئيسها ديزريلي «لورد بيكونزفيلد» بالرغم من أنه هو الذي عقد صفقة قناة السويس، فاشترى أسهم الخديو إسماعيل فيها، وبالرغم من تعلقه الكبير بمصر وحضارتها وآثارها، إلا أنه كان في ذلك الوقت لا يرى في احتلال الإنجليز لمصر وسيلة لدرء الخطر الروسي عن الشرق الأدنى؛ فالأستانة لا مصر ولا قناة السويس هي مفتاح الطريق إلى الهند.
ولقد أبدى بيكونزفيلد عجبه والشك الذي خالج نفسه من كثرة عروض بسمرك، فإنجلترا كانت تظن أن غرضه هو إتلاف العلاقات الإنجليزية الفرنسية الطيبة، وضرب عصفورين بحجر واحد، إرضاء إنجلترا وإذلال فرنسا.
كذلك لم يصغ الوزراء الإنجليز لنوبار باشا حين ذهب إلى لندن في سنة 1877 ليعرض عليهم قبول فكرة بسط الحماية البريطانية على مصر، وأهملوه إهمالا شديدا إلى حد أن نعى عليهم جهلهم بأمور السياسة، وصرح لسفير ألمانيا في لندن بأن الأسد البريطاني مستغرق في نومه، وأن أظفاره ستسرق منه دون أن يستيقظ.
على أنه حين تعقدت المسألة الشرقية في سنة 1877، وقامت الحرب بين روسيا وتركيا ، وضحت الحكومة البريطانية موقفها للدولة الروسية فيما يختص بمصر وقناة السويس، فهي لن تقبل أبدا امتداد الحرب إلى مصر والقناة، وتعتبر الاعتداء عليها عملا عدوانيا موجها إلى إنجلترا ذاتها، صرح بذلك وزير الخارجية الإنجليزية للسفير الروسي في لندن.
كانت إنجلترا تخشى أن تمتد أعمال الروس العسكرية إلى قناة السويس ومصر بصفتهما جزءا من الدولة العثمانية التي أصبحت في حالة حرب مع روسيا، ولكن رد روسيا جاء مطمئنا: «فبالنسبة لقناة السويس ومصر، فنحن لن نمسهما، فليست لدينا المصلحة ولا الرغبة ولا الوسائل للقيام بمثل ذلك العمل ... ونحن على استعداد للاتفاق مع حكومة لندن على كل المسائل ... وليست لنا مصلحة في معاكسة إنجلترا في ممتلكاتها في الهند أو في مواصلاتها، فالحرب الحالية لا تتطلب ذلك.» لم تكن روسيا تريد إفساد علاقاتها مع إنجلترا في الوقت الذي تصطلي فيه الجيوش الروسية بنار الحرب مع تركيا.
ناپیژندل شوی مخ