180

قاموس فولتير الفلسفي

قاموس فولتير الفلسفي

ژانرونه

قد يسأل أحدهم: ولماذا قد يبكي الرجل على المسرح عند تمثيل هذه الأحداث والجرائم وهو من شاهد أكثر الأحداث وحشية بعين جافة، بل وارتكب جرائم بدم بارد؟ هذا لأنه لا يراها بالعينين نفسيهما، ولكن يراها بأعين المؤلف والممثل. لم يعد الرجل نفسه. كان قبل ذلك همجيا مهتاجا بعواطف غاضبة حينما شاهد امرأة بريئة قتيلة، وحينما لطخ نفسه بدم صديقه. كانت روحه مملوءة باضطراب عاصف، وها هي هادئة، فارغة، تعود إليها الطبيعة؛ فيذرف دموعا نقية. وهذه هي الميزة الحقيقية، هذا هو النفع العظيم للمسارح. هناك قد أنجز ما لم يكن من الممكن إنجازه أبدا بالخطب الباردة التي يلقيها الخطيب، وتجعل الجمهور كله يشعر بالملل لساعة من الزمن.

ربما ذرف الدمع ديفيد المشرع الذي تسبب في مقتل كالاس البريء على العجلة وشاهده بلا عاطفة، لو شاهد جريمته في تراجيديا مكتوبة بحنكة وممثلة جيدا.

لهذا السبب قال البابا لكيتو في افتتاحية مسرحية أديسون: «لم يعد الطغاة يحتفظون بطبعهم الهمجي، وتعجب أعداء الفضيلة كيف بكوا.»

الموحد

الموحد شخص شديد الإيمان بوجود كائن أسمى، طيب بقدر ما هو مقتدر، خلق كل الكائنات بامتداد ونمو وإحساس وتأمل، وهو يحفظ أنواعهم، ويعاقب على الجرائم بلا قسوة، ويكافئ على الأفعال البارة بعطف.

لا يعلم الموحد كيف يعاقب الله وكيف يحمي وكيف يعفو؛ لأنه ليس من التهور بحيث يقحم نفسه في محاولة اكتشاف كيف يفعل الرب، لكنه يعلم أن الرب يفعل، وأنه عادل. أما الصعوبات المثارة ضد العناية الإلهية فلا تهز إيمانه؛ لأنها مجرد صعوبات كبيرة، وليست أدلة. يخضع لهذه العناية الإلهية، على الرغم من أنه لا يدرك من هذه العناية إلا تأثيرات قليلة وعلامات قليلة؛ وإذ يحكم على الأشياء التي لا يراها بالأشياء التي يراها، يعتبر أن تلك العناية الإلهية تبلغ كل الأماكن والأزمان.

وإذ تصالح وفق هذا المبدأ مع بقية الكون، فهو لا يتبع أيا من الطوائف التي تناقض كل واحدة منها الأخرى. دينه هو الأقدم والأوسع انتشارا؛ لأن عبادة الله البسيطة سبقت كل نظريات العالم. إنه يتكلم بلغة يستطيع فهمها كل الأقوام، بينما لا يستطيعون هم أن يفهم بعضهم بعضا. لديه إخوة، من بكين إلى كايين، يعتبرهم جميعا حكماء كإخوته. يؤمن بأن الدين لا يشتمل على آراء لميتافيزيقي غامض، ولا على مظهر سطحي، لكن على العبادة والعدل. في فعل الخير خدمته، وفي خضوعه لله عقيدته. يصيح المحمدي فيه: «احذر إن لم تحج إلى مكة!» ويذكره الآخر: «الويل لك إن لم تسافر إلى نوتردام دي لوريت!» أما هو فيضحك من مكة ولوريت، لكنه ينجد المحتاج، ويدافع عن المضطهد.

التسامح

ما التسامح؟ إنه نتاج الإنسانية. نحن جميعا مخلوقون من الضعف والخطأ، فليعذر كل منا حماقة الآخر. هذا هو القانون الأول للطبيعة.

واضح أن الفرد الذي يضطهد أخاه الإنسان، لأنه ليس من رأيه، هو وحش. يمكننا قول ذلك بلا صعوبة، لكن الحكومة! لكن القضاة! لكن الأمراء! كيف يعاملون أولئك الذين يتعبدون بعبادة مختلفة عن عباداتهم؟ إذا كانوا غرباء أقوياء فمن المؤكد أن الأمير سوف يتحالف معهم. سيتحالف فرانسوا الأول، المسيحي للغاية، مع المسلمين ضد شارل الخامس الكاثوليكي للغاية. سيعطي فرانسوا الأول المال للوثريي ألمانيا ليدعمهم في تمردهم ضد الإمبراطور؛ لكن، طبقا للعادة، سوف يبدأ بحرق اللوثريين في وطنه. لأسباب سياسية يدفع لهم في ساكسونيا، ولأسباب سياسية يحرقهم في باريس. ولكن ماذا سيحدث؟ هل تصنع الاضطهادات مرتدين ؟ سرعان ما ستمتلئ فرنسا بأعداد جديدة من البروتستانت. في البداية، سيستسلمون للشنق، ولكن بعد ذلك سيشنقون هم بدورهم. ستكون هناك حروب أهلية، وستأتي مذبحة سان بارثولوميو، وسيصبح هذا الركن من العالم أسوأ من أي جحيم سمع عنه القدماء أو المحدثون.

ناپیژندل شوی مخ