وعبثا يقول تاتين في عجالة («خطاب إلى الإغريق»، 23 تقريبا): إن نفس الإنسان مكونة من أجزاء كثيرة.»
وعبثا يقتبس من القديس هيلاريوس (في تفسير سانت هيلاريوس للقديس متى): «ما من شيء مخلوق ليس ماديا، سواء في السماء أو على الأرض، أو بين ما هو مرئي أو ما ليس مرئيا، فكل شيء مكون من عناصر، والأنفس سواء أكانت تسكن الأجساد أم تنبعث منها، لها دائما جوهر مادي.»
عبثا يقول القديس أمبروز في القرن السادس («عن إبراهيم» المجلد الثاني، الفصل الثامن): «لا نعرف إلا المادة، باستثناء الثالوث المقدس وحده.»
قررت هيئة الكنيسة بأكملها أن النفس غير مادية. ووقع هؤلاء القديسون في خطأ كان شائعا في ذلك الوقت؛ فقد كانوا بشرا، ولكنهم لم يخطئوا أخلاقيا لأن هذا معلن بوضوح في الأناجيل.
لدينا لذلك حاجة واضحة لقرار من الكنيسة التي لا تخطئ، بشأن هذه الأمور في الفلسفة، فليست لدينا من تلقاء أنفسنا بالفعل أي فكرة كافية عما يدعى «روحا خالصة» وما يدعى «مادة». الروح الخالصة تعبير لا يعطينا أي فكرة، ونحن نعرف المادة فقط ببضع ظواهر. لكننا نعرفها بشكل ضئيل حتى إننا ندعوها «جوهرا». حسنا، إن كلمة جوهر تعني «ما هو تحت»، ولكن ما هو تحت سيبقى خفيا دائما عنا. ما هو تحت هو سر الخالق، وسر الخالق هذا في كل مكان. نحن لا نعلم كيف نستقبل الحياة، ولا كيف نمنحها، ولا كيف ننمو، ولا كيف نهضم، ولا كيف ننام، ولا كيف نفكر، ولا كيف نشعر.
إن الصعوبة الهائلة تكمن في أن نفهم كيف يمكن أن يملك كائن، أيا ما يكن، أفكارا. (2) القسم الثاني
اتبع مؤلف مقالة النفس في «الموسوعة » جاكلوت بدقة، لكن جاكلوت لا يعلمنا شيئا؛ إنه يعارض أيضا لوك لأن لوك المتواضع قال (المجلد الخامس، الفصل الثالث، الفقرة السادسة): «ربما لن يكون بإمكاننا أبدا أن نعرف ما إن كان أي موجود مادي محض يفكر أم لا؛ لأنه يستحيل علينا، بتأملات أفكارنا بلا وحي، أن نكتشف ما إن كان القدير لم يمنح بعض أنظمة المادة، المنظمة بدقة، قدرة على الإدراك والتفكير، أو شيئا آخر ملحقا ومثبتا بالمادة، شديد التنظيم؛ جوهرا مفكرا غير مادي. وأنه، فيما يتعلق بأفكارنا، ليس أبعد كثيرا عن فهمنا أن ندرك أن الله يستطيع إن شاء أن يزيد على المادة ملكة التفكير، من أنه ينبغي أن يضيف إليها جوهرا آخر ذا قدرة على التفكير؛ ولأننا لا نعرف أين يتكون التفكير، ولا لأي نوع من الجواهر شاء القدير أن يمنح تلك القوة التي لا يمكنها أن تكون في أي مخلوق إلا بمحض مشيئة الخالق ورضاه الطيبين. فأنا لا أرى أي تناقض في أن الكائن المفكر الأزلي من شأنه إن شاء أن يمنح لأنظمة معينة من المادة المجردة من الإحساس المخلوقة، ويضع معها كيفما يراه مناسبا، درجات من الإحساس والإدراك والفكر.»
كانت هذه كلمات رجل متعمق متدين متواضع.
نعرف بالطبع عن تلك النزاعات التي وجب خوضها ثمنا لهذا الرأي الذي بدا جريئا، لكنه لم يكن في الحقيقة سوى نتيجة لاقتناعه بالقدرة الكلية لله وبضعف الإنسان. لم يقل إن المادة تفكر، لكنه قال إننا لا نملك ما يكفي من المعرفة لنثبت أنه يستحيل على الله أن يضيف عطية الفكر للمخلوق المجهول الذي يدعى «المادة»، بعد منحها عطية الجاذبية وعطية الحركة، وكلاهما غامض بالمثل.
يقينا، لم يكن لوك الوحيد الذي طرح هذا الرأي؛ فقد كان ذلك رأي كل الحضارات القديمة التي أكدت، فيما يتعلق بالنفس بوصفها مادة غير محددة للغاية، أن المادة، بناء على ذلك، يمكن أن تشعر وتفكر.
ناپیژندل شوی مخ