165

قاموس فولتير الفلسفي

قاموس فولتير الفلسفي

ژانرونه

ليس لدينا أصغر درجة يمكن أن نضع القدم عليها لكي نصل إلى أدنى معرفة لما يجعلنا أحياء، وما يجعلنا نفكر. وأنى لنا أن نعرف؟ كان ينبغي علينا أن نرى الحياة والفكر وهما يدخلان جسدا. هل يعرف أب كيف أنتج ابنه؟ هل تعرف أم كيف حبلت به؟ هل استطاع إنسان قط التكهن كيف يفعل، وكيف يستيقظ وكيف ينام؟ هل يعرف أي إنسان كيف تطيع أطرافه إرادته؟ هل اكتشف أي إنسان بأي فن تميز الأفكار في دماغه وتنبثق منها وفق أمره؟ إنها آلات ذاتية الحركة هشة، تحركها اليد الخفية التي توجهنا على مسرح العالم، فمن منا كان قادرا على اكتشاف الخيط الذي يوجهنا؟

نحن نجرؤ على التساؤل عما إن كانت النفس «روحا» أم «مادة»، وما إن كانت تنشأ من العدم في وقت ميلادنا، وما إن كانت بعد أن تنفخ الحياة فينا ليوم واحد على الأرض تعيش بعدنا إلى الأبد. هذه الأسئلة تبدو سامية؛ فما هي؟ أسئلة بشر عميان يسألون عميانا آخرين: «ما هو النور؟»

حينما نرغب في تعلم شيء بالتقريب عن قطعة من المعدن ، نضعها في بوتقة على النار. لكن هل لدينا بوتقة نستطيع أن نضع فيها النفس؟ يقول امرؤ: «النفس هي الروح.» لكن ما هي الروح؟ قطعا، لا أحد يعرف. إنها كلمة خالية من المعنى لدرجة أن المرء يضطر إلى أن يقول إن الروح ليست كذا، بدلا من أن يقول إن الروح هي كذا. يقول آخر: «النفس مادة»، لكن ما هي المادة؟ إنما نعلم بعض تجلياتها وبعض خصائصها، ولا يبدو أن أيا من هذه الخصائص أو من هذه التجليات له أدنى صلة بالفكر.

تقول: «إن الفكر شيء متمايز عن المادة»، ولكن ما دليلك على ذلك؟ هل لأن المادة قابلة للتجزئة وقابلة للتشكل، والفكر ليس كذلك؟ ولكن من أخبرك أن المبادئ الأولى للمادة كانت قابلة للتجزئة ومتشكلة؟ محتمل جدا أنها لم تكن كذلك، تذكر طوائف كاملة من الفلاسفة أن عناصر المادة لم يكن لها أبدا شكل أو امتداد. تصيح بنبرة المنتصر قائلا إن «الفكر ليس خشبا ولا حجرا ولا رملا أو معدنا؛ لذا فالفكر لا ينتمي إلى المادة.» أيها المفكرون الضعاف الطائشون! إن الجاذبية ليست خشبا ولا رملا ولا معدنا ولا صخرا؛ والحركة والنمو والحياة ليست هذه الأشياء أيضا، ومع ذلك فالحياة والنمو والحركة والجاذبية تعد مادة. والقول بأن الله لا يمكنه أن يجعل المادة تفكر يعني قول أكثر أسخف الأشياء وقاحة، الذي لم يجرؤ أحد قط على التفوه به في أفضل مدارس العته. لسنا متأكدين من أن الله خلق المادة هكذا، نحن متأكدون فقط من أنه يستطيع ذلك. ولكن ما المهم في كل ما قيل، وكل ما سيقال عن النفس؟ ما أهمية أن يطلق عليها طاقة أو جوهرا أو وهجا أو أثيرا؟ أنها ظلت كونية، أو غير مخلوقة، أو عابرة ... إلخ؟

في تلك المسائل المتعذر بلوغها على العقل، ما أهمية روايات خيالاتنا المرتابة هذه؟ ماذا يهم أن آباء القرون الأربعة الأولى اعتقدوا أن النفس جسدية؟ ماذا يهم أن ترتليانوس - بتناقضه المعهود - قرر أنها جسدية، ومشكلة، وبسيطة في الوقت نفسه؟ لدينا ألف سبب لنجهل ذلك، وما من سبب واحد يمكنه أن يمنحنا بصيصا من الاحتمالية.

كيف يمكن، إذا، أن نكون بهذه الجرأة لنجزم بماهية النفس؟ نعرف قطعا أننا نوجد، وأننا نشعر، وأننا نفكر. لكن هل نود الذهاب خطوة أبعد من ذلك؟ نسقط في هاوية مبهمة، وفي هذه الهاوية ما زلنا متهورين بجنون لنتنازع حول ما إن كانت تلك النفس التي ليس لدينا أدنى فكرة عنها خلقت قبلنا أم معنا، وما إن كانت تفنى أم إنها خالدة!

إن بند «النفس» وكل البنود ذات الطبيعة الميتافيزيقية يجب أن يبدأ بخضوع مخلص لعقائد الكنيسة التي لا جدال فيها. الوحي أكثر جدارة في ذلك بلا شك من الفلسفة بأكملها. النظريات تدرب العقل؛ لكن الإيمان يضيئه ويرشده.

ألا نتفوه كثيرا بكلمات ليست لدينا عنها سوى فكرة مرتبكة، أو حتى ليست لدينا فكرة عنها على الإطلاق؟ أليست كلمة النفس مثالا لذلك؟ حينما يعطل صمام المنفاخ الذي يستخدمونه لتغذية النيران، وحينما يخرج الهواء المحبوس في المنفاخ من منفذ آخر غير متوقع في هذا الصمام، بحيث لا يظل مضغوطا أمام الذراعين، ولا يدفع بقوة نحو الموقد الذي يجب أن يشعله، يقول الخدم الفرنسيون: «فاضت نفس المنفاخ». هم لا يعلمون عنها أكثر من ذلك، ولا يمكن أن يشغلهم هذا السؤال.

يقول البستاني: «نفس النباتات»، ويعتني بها جيدا دون أن يعرف ماذا يقصد بهذا المصطلح.

يضبط صانع الكمان وضع «روح الكمان» ويسحبه إلى الأمام أو إلى الخلف من تحت الفرسة في بطن الآلة؛ قطعة ضئيلة من الخشب، إن نقصت أو زادت، تمنح الآلة أو تسلبها كل روحها الهارمونية.

ناپیژندل شوی مخ