صرخت: «ماذا؟! عامل الإخوة إخوتهم هكذا، ومن بليتي أني أنتمي إلى أولئك الإخوة!»
قالت الروح: «هنا الاثنا عشر مليون أمريكي الذين قتلوا على أرضهم الأم لأنهم لم يعمدوا.» «يا إلهي! لم لم تترك هذه العظام المريعة تجف في نصف الكرة الأرضية الذي ولدت فيه أجسادهم؟ وأين أسلموا لميتات مختلفة عديدة؟ لماذا تجمعون هنا كل تلك الآثار البشعة الشاهدة على الهمجية والتعصب؟» «لنعلمك.»
قلت للجني: «طالما أنك تريد أن تعلمني، أخبرني إن كانت هناك أمم أخرى غير المسيحيين واليهود تحول دينها وغيرتها على نحو بائس إلى تعصب، وأوحيا بفظاعات مريعة كثيرة.»
قال: «نعم. تلطخ المحمديون بالأفعال اللاإنسانية نفسها، ولكن نادرا، وحينما كان أحد يطلب منهم الأمان ، ويعطيهم الجزية، كانوا يسامحون. أما عن الأمم الأخرى، فلم تكن هناك أمة واحدة منذ نشوء العالم شنت حربا دينية على نحو خالص قط. اتبعني الآن.» تبعته.
خلف تلك الأكوام من الموتى بمسافة قليلة وجدنا أكواما أخرى. كانت مؤلفة من أكياس من الذهب والفضة، ولكل منها علامته: ثروة الهراطقة المذبوحين في القرن الثامن عشر، والسابع عشر، والسادس عشر. وهكذا بالعودة إلى الماضي: ذهب الأمريكيين المذبوحين وفضتهم ... إلخ، إلخ. وكانت كل هذه الأكوام تعلوها صلبان، وتيجان، وصولجانات، وتيجان ثلاثية مرصعة بأحجار كريمة. «ما هذا يا جنيي؟ كان من أجل الحصول على هذه الثروات أن كوم هؤلاء الأموات؟» «نعم يا بني.»
انتحبت. وذهبت بأساي الذي استحققته لأقاد إلى نهاية المماشي الخضراء؛ فقادني هناك.
قال: «تأمل؛ أبطال الإنسانية الذين كانوا محسني العالم، وكانوا كلهم متحدين في أن يطردوا من العالم، بقدر ما استطاعوا، العنف والسلب. اسألهم.»
ركضت صوب أول من كان في المجموعة. كان لديه تاج على رأسه، ومبخرة صغيرة في يده؛ فسألته بتواضع عن اسمه، فقال لي: «أنا نيوما بومبيليوس، نشأت قاطع طريق، وكان لدي قطاع طرق أقودهم. علمتهم الفضيلة وعبادة الله، ومن بعدي نسوا كليهما مرارا. حرمت وجود أي صورة في المعابد؛ لأن الإله الذي يدير الطبيعة لا يمكن تمثيله. خلال حكمي، لم يخض الرومان حروبا ولا تمردات، ولم يفعل ديني إلا الخير. أتت كل الشعوب المجاورة لتكريمي في جنازتي، ولم يحدث ذلك لأحد سواي.»
قبلت يده وذهبت إلى الثاني، كان عجوزا لطيفا يناهز عمره مائة عام، مرتديا رداء أبيض. وضع إصبعه الوسطى على فمه، وباليد الأخرى رمى بعض الحبوب خلفه. عرفت فيثاغورث، أكد لي أنه لم تكن له ورك ذهبية قط، ولم يكن طاهيا قط، ولكنه حكم الكروتونيين بقدر ما حكم نيوما الرومان من العدالة في الزمن نفسه تقريبا، وأن هذه العدالة كانت أندر الأمور وجودا في العالم وأشدها ضرورية. وعرفت أن الفيثاغوريين كانوا يفحصون ضمائرهم مرتين في اليوم. يا لهم من أمناء! ما أبعدنا عنهم! ولكننا نحن الذين لم نكن سوى سفاحين على مدى ثلاثة عشر قرنا، نقول إن هؤلاء الرجال الحكماء كانوا مغرورين!
من أجل أن أبعث السرور في فيثاغورس لم أقل شيئا، وانتقلت إلى زرادشت الذي كان منغمسا في التركيز في النار السماوية في بؤرة مرآة مقعرة، وسط حفرة ذات مائة باب، تقود جميعها إلى الحكمة. (تسمى وصايا زرادشت أبوابا، وعددها مائة). وقرأت فوق الباب الرئيس تلك الكلمات التي تعد خلاصة الفلسفة الأخلاقية كلها، وتختصر كل نزاعات المهتمين بالقضايا الأخلاقية: «حينما تكون على شك إن كان الفعل صالحا أم طالحا أحجم عنه.»
ناپیژندل شوی مخ