لو كنت أنا أهرمان، لهاجمت أورموزد في عقر داره ذي الشموس والنجوم الكثر. لم أكن لأكتفي بشن الحرب عليه في قرية صغيرة.
هناك الكثير من الشر في هذه القرية، ولكن من أين عرفت أن ذلك الشر ليس حتميا؟
أنت مجبر على الاعتراف بذكاء منشور على الكون، ولكن: (1)
هل تعرف، مثلا، إن كانت تلك القوة تملك التنبؤ بالمستقبل؟ ادعيت هذا ألف مرة، ولكنك لم تكن قادرا قط على إثباته أو فهمه. لا يمكنك أن تعلم كيف يمكن لأي كائن مهما يكن أن يرى ما ليس كائنا. حسنا، المستقبل ليس كائنا؛ ولذا لا يستطيع أي كائن أن يراه. نزلت إلى القول إنه يتنبأ به؛ ولكن التنبؤ مجرد حدس. هذا هو رأي طائفة السوسينيوسيين.
حسنا، إن الإله الذي يحدس - كما تقول - ربما يخطئ. في نظريتك هو بالتأكيد مخطئ؛ لأنه لو كان تنبأ بأن عدوه سيفسد كل أعماله الدنيوية لما كان أوجدها، ولم يكن ليهيئ نفسه لخزي الانهزام باستمرار. (2)
ألا أسدي إليه تكريما أكبر بكثير بقولي إنه صنع كل شيء طبقا لضرورة طبيعته مما تفعل أنت له بالإعلاء من قدر عدو يشوه جميع أعماله في هذا العالم ويلوثها ويحطمها؟ (3)
ليس معنى أن تكون لديك فكرة غير قيمة عن الله أن تقول إنه بعد أن شكل آلاف الملايين من العوالم التي لا يسكنها الموت والشر، كان من الضروري أن يقطن الشر والموت في هذا العالم. (4)
ليس ازدراء لله أن تقول إنه لم يستطع أن يخلق الإنسان دون أن يمنحه احترام الذات؛ لأن هذا الاحترام للذات لم يستطع أن يقوده دون أن يضلله دائما تقريبا؛ وأن عواطفه ضرورية، ولكنها كارثية؛ وأن التكاثر لا يمكن أن يحدث دون رغبة؛ وأن الرغبة لا يمكن أن تحفز الإنسان دون مشاجرات؛ وأن تلك المشاجرات تجلب الحروب بالضرورة في طريقها ... إلخ. (5)
حينما يرى جزءا من توليفات ممالك الحيوان والنبات المعادن، وهذا الكون مخرما في كل مكان كالغربال، تهرب منه نفثات كثيرة للغاية في مجموعات كبيرة، فأي الفلاسفة ستكون لديه الجرأة الكافية، وأي الأساتذة سيكون أحمق بما يكفي ليرى بوضوح أن الطبيعة كان بإمكانها منع تأثيرات البراكين، وشدائد الغلاف الجوي، وعنف الرياح، والأوبئة، وكل الكوارث المدمرة؟ (6)
لا بد أن يكون المرء مقتدرا جدا، وقويا جدا، ومجتهدا جدا حتى يكون قد خلق أسودا يمكنها التهام الثيران، وخلق بشرا يمكنهم أن يخترعوا أسلحة تقتل بضربة واحدة، ليس فقط الثيران والأسود، لكن أيضا بعضهم بأيدي بعض. على المرء أن يكون قويا جدا كي يكون قد تتسبب في وجود العناكب، التي تغزل شباكا لتصطاد الذباب؛ ولكن هذا لا يشكل القدرة الكلية أو القوة اللانهائية. (7)
ناپیژندل شوی مخ