أما جنيد منكرها ومخزي قائلها، فقد جلس في كرسي القضاء وحكم حكمه، بعد أن جمع أربعة وثمانين من العلماء والقراء ليشهدوا «بأن في قتله صلاح المسلمين.» ... وجاء حامد بن العباس وزير الخليفة المقتدر بالله (908-933م) ومعه موكبه وصاحب الشرطة محمد بن عبد الصمد، فتقدم حامد إلى الخشبة وأخرج من كمه الدرج الذي فيه شهادة الفقهاء والعلماء، فقال: «أريد الشهود.»
فإذا بالشهود يهرعون إليه من كل مكان.
فقال لهم: «هذه شهادتكم وخطوطكم؟» فقالوا له: «نعم، اقتله ففي قتله صلاح المسلمين ودمه في رقابنا.»
أنزل الحلاج من الخشبة وتقدم السياف إليه ليضرب عنقه، فقال الوزير (بيلاطوس بغداد!) للشهود: «أمير المؤمنين بريء من دمه.»
فقالوا: «نعم.» فقال: «وأنا بريء من دمه.» فقالوا: «نعم.» فقال: «وصاحب الشرطة بريء من دمه.» فقالوا: «نعم.» لله أنتم يا بيلاطوس البنطي، ويا أخوان بيلاطوس ببغداد! «وبلغنا أن الحسين بن منصور دخل على المقتدر بالله فقال: من أطاع الله أطاعه في كل شيء. فقال المقتدر: إذن لا تبالي بما سيفعل بك. فقال له: ثم حاكم ومحكوم عليه وواسطة على السبب في إيصال الحكم من الحاكم بالمحكوم عليه ... أنت الواسطة وأنا عبد من عبيد الله صابر لحكم الله، راض بقضاء الله، فافعل ما حركت له، واعمل ما استعملت فيه، وكن بعد ذلك شديد الحذر، فيما تأتي به وتذر. وانظر في عواقب أمرك ... وإني لا أعترض عليك، وألومك في فعلك، ولكني أقول كما قال الخليل: «وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين.» فأمر الخليفة بحبسه، وجمع الفقهاء والصوفية في مجلسه فاستشارهم فكفره الفقهاء، وتوقف عن تكفيره الصوفية - إلا جنيد.»
هذه هي صفحة من التاريخ، وهناك صفحة أخرى من كتاب الأساطير ... عندما ضرب عنق الحلاج، بقي جسده ساعتين من النهار قائما، ورأسه بين رجليه، وهو يتكلم بكلام لا يفهم، إلا أن آخر ما قال: أحد أحد. وكان الدم يخرج منه، ويكتب به على الأرض: الله الله، في خمسة وثلاثين موضعا ... وبعد أن ضرب عنقه أحرق بالنار، فانتثر رماده في نهر دجلة وهو ينطق قائلا: أنا الحق! •••
قال الشاذلي: اضطجعت في المسجد الأقصى، في وسط الحرم، فدخل خلق كثير أفواجا، فقلت: ما هذا الجمع؟ قالوا: جمع الأنبياء والرسل. قد حضروا ليشفعوا في حسين الحلاج عند محمد
صلى الله عليه وسلم
في إساءة أدب وقعت منه ... •••
وقيل إنه قبل ذلك وضع بالسجن فصور في حائط المحبس صورة مركب وقال للمحبوسين: قوموا بذكر الله تعالى، ثم إنهم فعلوا ذلك حتى غابوا عن الحبس، فإذا هم دخلوا المركب المصور ونجوا جميعا. •••
ناپیژندل شوی مخ