160

قدیم او حدیث

القديم والحديث

ژانرونه

ولا تحسب الشورى عليك غضاضة

فإن الخوافي رافدات القوادم

وكان نور الدين قد خلف ولده الملك الصالح إسماعيل، وكان بدمشق عند وفاة أبيه، فسار إلى حلب من دمشق، فلما علم صلاح الدين أن الملك صالح صبي لا يستقل بالأمر، ولا ينهض بأعباء الملك، واختلت الأحوال بالشام، تجهز من مصر في جيش كثيف، وترك بها من يحفظها، وقصد دمشق مظهرا أنه يتولى مصالح الملك الصالح، فدخلها بالتسليم سلخ سنة سبعين وخمسمائة وتسلم قلعتها، ففرح الناس به، وأنفق مالا جزيلا، وسار إلى حلب، فنازل حمص وأخذ مدينتها، ثم استولى على تلك البلاد إلى الفرات وما بعد الفرات، وتوفي الملك الصالح بعد مدة قليلة، فأخذ حلب ابن عمه عز الدين مسعود صاحب الموصل، ثم عاد صلاح الدين سنة 577 واستولى على حلب ودانت له البلاد، وفتح بيت المقدس بعد أن ملكه الإفرنج نحو مائتي سنة، ولم يفشل في واقعة من وقائعه مع الصليبيين على كثرة عددهم وعديدهم، اللهم إلا في عكا، فاستعادوها منه بعد أن فتحها بواسطة ملك الإنكليز إذ ذاك ريشاردس قلب الأسد.

إن عدل الملك الناصر صلاح الدين يوسف قد أدهش الأوروبيين في ذاك العهد، فكانوا هم يعاهدون فينكثون أما هو هو، فما عاهد ونكث قط، وكثيرا ما كان بعض خاصته من متعصبة المشايخ الذين لا يعرفون سياسة الملك ولا حسن إدارة الفتوحات، يريدونه على أن يعامل الصليبيين بعملهم في الانتقام من أسراهم عنده كما فعل أولئك، وقتلوا مرة مئات من أسرى المسلمين، فما كان جوابه إلا الإعراض عن مقترحاتهم، والعمل بسنة اللين واللطف حتى استهوى القلوب الشاردة وأحبه أعداؤه قبل أوليائه، وهذا من أندر النوادر في الملوك، وناهيك بعصره الذي كان عصر التعصب الديني في الغرب والشرق أيضا، فالصليبيون جاءوا هذه الديار مدفوعين بعوامل الدين واستنقاذ بيت المقدس من المسلمين، وهؤلاء قاموا باسترجاع البلاد بهذا العامل القوي أيضا.

قال عبد المنعم الجلياني أحد شعراء الملك الناصر صلاح الدين من قصيدة يعلل فيها السبب الذي من أجله أحب الفرنج صلاح الدين:

وفيت لهم حتى أحبوك ساطيا

بهم ووفاء العهد قيد المخاصم

فخانوا فخابوا فانتدوا فتلاوموا

فقالوا خذلنا بارتكاب الجرائم

وخص صلاح الدين بالنصر إذا أتى

ناپیژندل شوی مخ