[الدَّلِيلُ الثَّالِثُ عَلَى تَحْرِيمِ قِتَالِ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ الكُفَّارِ]
وَأَيضًا: فَقَوْلُهُ: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ وَهَذَا نَصٌّ عَامٌّ، أَنَّا لا نُكْرِهُ أَحَدًا عَلَى الدِّين، فَلَوْ كَانَ الكَّافِرُ يُقْتَل حَتَّى يُسْلِمَ لَكَانَ هَذَا أَعْظَم الإِكْرَاهِ عَلَى الدَّيْنِ (١).
وَإِذَا قِيلَ: المُرَادُ بِهَا أَهْلُ العَهْدِ.
(١) قال شيخ الإسلام في الجواب الصحيح (١/ ٣١٣): (ثم صار أكثر أهل الشام وغيرهم مسلمين طوعًا لا كرهًا، فإن إكراه أهل الذمة على الإسلام غير جائز، كما قال تعالى سورة البقرة: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾. وقال ابن القيم في هداية الحيارى (١/ ١٢): (ولم يكره أحدًا قط على الدين، وإنما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله ... امتثالا لأمر ربه سبحانه، حيث يقول: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ وهذا نفي في معنى النهي أي لا تكرهوا أحدا على الدين ... ومن تأمل سيرة النبي ﷺ تبين له أنه لم يكره أحدًا على دينه قط ... والمقصود: أنه ﷺ لم يكره أحدًا على الدخول في دينه البتة، وإنما دخل الناس في دينه اختيارًا وطوعًا).