فقلت له: جرير يتكلم عن عصره، فربما كان مثلك قتال حيات.
فشاع الرضا في وجهه وانبسطت أساريره بعدما تجعدت.
وكان يوم الخميس فرحنا إلى التنزه وتوغلنا في غابة، وكان راعينا يصيح بنا في ذلك اليوم الحار: توقوا الحيات يا شباب.
وكان رفيقنا البطل يضحك، وأخيرا قال للراعي: ما عليك يا معلمي، أنا معهم فلا خوف عليهم ولو كانت حية بديع الزمان ...
وأعجبت الأستاذ الراعي بديهته وإن لم يصدق قوله.
وشاءت الحقيقة أن تظهر، فانسابت حية بين رجلي صاحبنا، فتزعزعت أركانه وقفز كالغزال المذعور. وكأنه تذكر ما كان يدعيه فتماسك ووقف قبالة الحية وتركها تمر بسلام، فانسلت. فقلنا: ما بالك واقفا؟! دونك إياها.
فقال: كنت أفكر من أين أجيئها، وكيف أقبض عليها.
فقلنا: أهي لعبة شطرنج، وهل يكون تقتيل الحيات خططا حربية؟!
فقال: أنسيتم أننا حفظنا أمس قول المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجعان.
كثيرون هم المدعون فلو تأملتهم مثلي لرأيت صورا مضحكة قلما تفوز بمثلها على الشاشة وفي الحكايات التي ترويها لنا الكتب.
ناپیژندل شوی مخ