إن مجلس الأعيان لا غبار عليه، ولكن الغبار كله يكون عليه إذا كان معينا، فمن يخاف المعركة الانتخابية فليبق بين جدران بيته؛ لأن من لا ينتخب من الشعب لا يمثل الشعب، ولا يحق له أن يتكلم إلا باسم الذي يعينه.
والكنيسة، في فجر وجودها، لم تر أصلح من الانتخاب فانتخبوا سبعة رجال؛ لإدارة الشئون وصلوا ووضعوا عليهم الأيدي. وعلى خطة الرسل جرت البيعة في انتخاب المتقدمين في الأخوة. سنة كنسية لم تحد عنها الكنيسة إلا مرة في الزمن القديم؛ إذ أقام البابا قونون قسطنطين، شماس كنيسة سيراكوز على كرسي أنطاكية، دون أن ينتخبه أكليروس هذه الكنيسة. ثم عرف أنه رجل سيئ السيرة، محب للخصام، فقبض عليه بأمر البابا والملك وأودع السجن، ولهذا لم يحصه المؤرخون بين بطاركة أنطاكية.
1
وعلى المبايعة - أي الانتخاب - جرت الخلافة الإسلامية وظلت بخير هي والملة حتى كانت بدعة ولاية العهد. فالتعيين في كل حقل من الحقول البرلمانية مخالفة لروح الشارع؛ وهي معرضة دائما للخطأ والخطل.
إن الانتخاب - على علاته - لم تتوصل الشعوب إلى أفضل منه. فعلينا أن ننتخب «أعياننا» من الرجال الكاملين، وأن نبعد عن هذا المجلس كل من في تاريخه نقطة سوداء فلا يكون بينهم إلا الفاضل.
إن لبنان مشهور بأكلة يسمونها «كبة الحيلة» وما التعيين إلا كبة حيلة. المعاش حيلة، ومن احتال عاش، هكذا تقول العوام. أما أن نلجأ إلى التعيين، فهذا افتئات على إرادة الشعب وحيلة لمن يريد أن يأتيه رزقه رغدا، فيتمتع بالسلطان على الهينة. الانتخاب هو أصح ما يعمل ولا يكون بعده لا قيل ولا قال.
ثم إن مجلس الأعيان هو الفرامل في سيارة المجلس فلا تزلق ولا تتهور ولا تتحطم. فلننتخبه مع النواب؛ لأن السياسة لا تسلم ولا تنجو بدونه.
نحن في بلد الكلمة، وعسى أن يعير المسئولون كلامنا أذنا صاغية، وإننا نشكر للأستاذ بشير الأعور؛ لأنه أقام وزنا للشعب الذي استنابه، فعرض قضية الانتخاب وزيادة عدد النواب على الرأي العام، وعسى أن تكون لجنة الإدارة والعدلية التي يرأسها مخيرة لا مسيرة فلا يذهب التعب باطلا.
إذا لم نجدد بناء إنسانيتنا، فعبثا نبني القصور لإقامة العدل؛ فقد كانوا يعدلون في الخيام، ولم تحل دون ذلك تفاهة البنيان. إن الدولة برجالها الصالحين، لا بمعاقلها الحصينة وسجونها المؤشبة بالحديد المفولذ. (8) تعديل الدستور العشائري
إلى السيد إلياس فرح:
ناپیژندل شوی مخ