وما لزماننا عيب سوانا
فما دام لبنان كله منافع. مثل زيت الغار، فهيهات أن يطمئن شعبه الكادح. وما دمنا نقول ولا نفعل، ونداجي ونصانع ونكذب، ونتنكر لماضينا، فحري بنا، لو أنصفنا، أن نصف زماننا بقول الطغرائي:
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت
مسافة الخلف بين القول والعمل
تأمل يا أخي إميل، أقوالنا وقس عليها أفعالنا، ثم لا تنس أن الطغرائي قال لأمته بعدما غادر كرسي الوزارتين. أما قبل أن يصل، وحين وصل، فلم يفكر بشيء من هذا.
إلى الأستاذ بشير الأعور «رئيس لجنة الإدارة والعدلية البرلمانية»:
منذ عشرات السنين، وهذا البلد حقل تجارب كأنه مزرعة ... تارة يزداد عدد النواب، وطورا ينقص، وفي حالتي الزيادة والنقصان، نحن نحن، لا زيادة ولا نقصان في ثروتنا الاجتماعية. فما زال الكثير من النواب لا يجيئون إلى الجلسات إلا إذا كان لهم مأرب، وكثيرا ما يظل النصاب مفقودا، فماذا تجدينا الكثرة؟ ألندفع النقوط وهم يرقصون؟! أيتنزه النائب على حساب المكلف ويعدو مصالحنا وهو وكيلنا المأجور؟! لا أقول: أجيرنا، كما قال أبو العلاء في أمراء عصره.
إن الإخلاص ليس في الكثرة، وما زال الانتخاب يدور في حلقة مفرغة، والأشخاص هم هم، فماذا نرجو من مجلس ننتخبه! فما زلنا نقول حزب فلان وحزب فلان، نظل بعيدين عن الأهداف الإصلاحية وتظل وجهتنا غاياتنا ومصالحنا.
إن إصلاح الجهاز الحكومي لا ينفع، فلو تبنينا أرقى أشكال حكومات العالم، وليس عندنا أشخاص يصلحون لهذا الشكل، فالأمل قليل بفلاحنا. في أي دولة غير دولتنا يصغر الموظف عمره حتى يظل قابعا على كرسيه؟ هل الوظيفة زوجة لا يوافقنا أن نظهر أمامها أننا كبرنا، وأننا نحبو إلى الشيخوخة؟!
في الدنيا يتنحى الموظف من عمله من تلقاء ذاته، ويقول: مللت، وأريد أن أستريح من هذه المتاعب. أما نحن فلا نتعب؛ وذاك لأننا لا نعمل، ونحضر ساعة نريد، ونفتح بابنا في وجه أصحاب المصالح ساعة نشاء. فكأننا في بيتنا غير مسئولين. يكونون مزدحمين على بابنا المغلق ونحن نراعي القوانين الصحية في تناول فطورنا ... نطحن طعامنا طحنا.
ناپیژندل شوی مخ