وحين انتدبت فرنسا على لبنان، وصارت عندنا، تذكروا كلمة البستاني، حتى قال المطران مبارك: كان الأحرى أن نظل مع فرنسا في عهد الخطبة، أما هذا الزواج فلم يكن سعيدا ومباركا.
فلا يضايقك جهالنا، فهؤلاء لا يعرفون السرائر. لقد ولت أيام الغيرة الدينية وحلت محلها المصلحة. كانت المصلحة فيما مضى سرية، وصارت اليوم علنية، فاللسان يجمع الناس على الأرض ويوحدهم، ومتى زرنا السماء، ووجدنا يسوع لا يعرف العربية، نفتش في الفردوس عن قس بن ساعدة، فيكون ترجمانا لنا!
أنا أقول كذلك المفكر المصلح الأميركي، وقد سبق ذكره: إذا قلت: إن في الكون عشرين إلها، أو قلت: إن ليس هنالك إله، هل ينزل هذا القول الإضرار بجاري، أو يسلبه حقا، أو يكسر له ساقا؟ وهذا الفيلسوف يجعل للأجيال المتعاقبة حقا في تغيير ما قررته الأجيال السابقة، بأفعالها وبأقوالها، فلنتشبث بهذا، أنت وأنا وغيرنا، ونمشي على خيرة الله.
كن المكاري واضرب كل حمار، وإياك أن تجادل أحدا، فالعمل مثقال ذرة، خير من قناطير كلام مقنطرة. إن الزمان لا ينتظرنا حتى نمشي، فلنسرع معه إذا شئنا أن نلحق ركب الشعوب. والسلام عليك من المعجب بروحك الوثابة. •••
حاشية:
على ظرف مكتوبك ختم بريد صيدا، وهو صادر عن القلمون، فهل هناك قلمون غير التي عند طرابلس؟ إنني أخاف وأحسب ألف حساب؛ خوفا من أن أكون كمن يتحدث إلى ذاته، وأن تكون حكاية البطرك مسعد جاءت في غير محلها. (4) الانتخاب الرئاسي
بدءوا يعبئون جيوشهم لمعركة النيابة، وهذه المعركة لها ما بعدها، فالنواب العتيدون ينتخبون رئيس البلاد. ومن يرشحون أنفسهم لهذا المنصب الأعلى لا بد لهم من البذل، وإلا فلا أمل لهم ولا رجاء. وإذا كان المرشح للرئاسة الأولى لا يكون إلا نائبا فلا بد له من المرور بهذا المطهر - مطهر النيابة - حتى يدخل النعيم، ويملك سعيدا، وتعطيه الطوبى جميع الأجيال.
ولا أدري لماذا نجري هذه الانتخابات، بل لماذا نزيد عدد النواب ما دامت شعور رءوس الوزراء محصاة، ولا تسقط واحدة منها بدون إرادة أبيكم، كما قال المسيح لتلاميذه ...
للدستور في لبنان بطانة وظهارة؛ فهو ملبس على لوز، ولكنه لوز مر. ظاهر الحكم دستوري، أما باطنه فأرستقراطي استبدادي، وكأنه يقول للحاكم: قل كلمتك وامش، ولا ترد على أحد. من ذا يعارض سيدا في عبده ...
ترى من يفكر بلبنان لذاته من الأحزاب؟ إنهم يقصدون الوصول إلى الحكم، أما الشعب الذي يحكمون باسمه، فيبقى حيث هو، وعلى ما هو. وإن قالت الأحزاب: هذا هدف الأحزاب في كل الدنيا، قلنا لهم: ولكن هناك فرق، هناك يهمهم الوصول لينهضوا بالوطن وتثري الأمة، ونحن نفكر كيف نثري نحن. غيرنا يفكر كيف يشيد دولة، عزيزة الجانب، ونحن نفكر كيف نشيد، في أرض الدولة، بيتا رفيع العماد ... كقصور ألف ليلة وليلة.
ناپیژندل شوی مخ