قدح، فلما عممت الجبال دفعنا فرمينا الجمرة وحلقت وذبحت لفدية كانت علي ثم دخلت مكة وطفت وسعيت وصلّيت بها الظهر. [العارضة ٤/ ١٥٣].
شربه زمزم بنية العلم والإيمان:
ولقد كنت بمكة مقيمًا في ذي الحجة سنة (٤٨٩ هـ)، وكنت أشرب ماء زمزم كثيرًا، وكلما شربته نويت به العلم والإيمان حتى فتح الله لي في المقدار الذي يسَّره لي من العلم، ونسيت أن أشربه للعمل وياليتني شربته لهما حتى يفتح الله علي فيهما ولم يقدر، فكان صغوي إلى العلم أكثر منه إلى العمل نسأل الله الحفظ والتوفيق. [الأحكام ص ١١٢٤، ونفح الطيب ٢/ ٤١].
نشاطه العلمي في موسم الحج:
لقد استغلّ هذه المناسبة السعيدة أحسن استغلال، فأخذ عن الكثير من الشيوخ الذين حضروا إلى مكة لأداء فريضة الحج.
وبعد أداء فريضة الحج توجه إلى المدينة، وكان يقضي أغلب وقته في الروضة الشريفة يستمع إلى أحاديث علماء المدينة.
ولم تطل إقامته هناك فقد توجه إلى بغداد ثانية ولقي بها جملة من العلماء من جملتهم الغزالي الذي قال عنه: ورد علينا ذا شمر فنزل برباط أبي سعد بإزاء المدرسة النظامية، معرضًا عن الدنيا مقبلًا على الله تعالى، وعرضنا أمنيتنا عليه وقلت له: أنت ضالتنا الذي كنا ننشد ... [قانون التأويل ص ٤١].
كما أخذ عن الأساتذة الزائرين لبغداد، وكان متأثرًا بقرّاء بغداد وحُسن تلاوتهم للقرآن، يقول: سمعت بمدينة السلام شيخ القراء البصريين بدار بهاء الملك يقرأ ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ﴾؛ فكأني ما سمعتها قط حتى بلغ إلى قوله تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُريدُ﴾ فكأن الإيوان قد سقط علينا. [الأحكام ص ١٥٩٦].
وبعد أن أمضى، في زيارته الثانية، قرابة السنتين قضاها في التردد على حلق الذكر يستفيد ويفيد غادر بغداد، في طريق عودته إلى وطنه، صحبه والده مارًا بدمشق وكان ذلك في سنة (٤٩١ هـ). قال ابن عساكر: خرج من دمشق راجعًا إلى مقره سنة (٤٩١ هـ) ولما غريب صنَّف عارضة الأحوذي. [نفح الطيب ٢/ ٢٨].
ويقول ابن العربي: قفلنا وقد قضينا من الهجرة إلى الخلافة المفترض وحصلنا من
1 / 39