القبس فی شرح موطأ مالک بن انس
القبس في شرح موطأ مالك بن أنس
پوهندوی
الدكتور محمد عبد الله ولد كريم
خپرندوی
دار الغرب الإسلامي
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٩٩٢ م
ژانرونه
بَيْتِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ درَجَةً وَذلِكَ أَنَّهُ لاَ يَخْطُو خُطْوَةً إِلَّا كَتَبَ الله لَهُ بِهَا حَسَنَةً" (١) الحديث إلى آخره. وهذه المعاني مما لا تدرك بالقياس؛ فاستعمال النظر فيها جهل وعناء وقوله ﷺ (عَلَى صَلاَتِهِ في سُوقِهِ) يعني إذا صلى وحده.
وأما لو كان في السوق مسجد مختط لكان مثل سائر المساجد، فإن لم يكن مختطًا وصلى أهل (٢) السوق جماعة كان بمنزلة البيت يصلَّى فيه جماعة فإنه يكتب فيه أجر الاجتماع وينقصه فضلان أجر الخطا وإعلان الشعار وهذا بالغ فتحققوه وركبوا عليه وافهموه.
وأما حديث أبي هريرة، ﵁، في همّ النبيّ، ﷺ، بالحرق علي المتخلفين عن الصلاة (٣) فهو أضعف الحجج لهم لأن النبي، ﷺ، قال فيه: "فَآمُرُ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَيْهِمْ" فقد ترك الجماعة فإن قيل تركها لأخرى قلنا هذه دعوى في موضع الاحتمال من غير دليل.
ووجه آخر همَّ النبي، ﷺ، ولم يفعل ولو كان فرضًا لأنفذ ما همّ به.
وجه ثالث: إنما كان الغالب على التخلف (٤) للجماعة أهل النفاق فأراد النبي، ﷺ، أن يضرم عليهم بيوتهم ليقطع جوارهم (٥) ويحسم شرارهم.
نكتة أصولية:
قد بيَّنا فيما سلف وفي غير ما وجه (٦) من الإملاء أن النبي، ﷺ، كان يقضي باجتهاده والشريعة من ذلك ملأى ولذلك همَّ بحرق البيوت ثم تركه إمهالًا أو لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يحرق دور أصحابه، وفيه دليل على إعدام محل المعصية، كما قال
(١) البخاري كتاب الأذان باب فضل صلاة الجماعة ١/ ١٦٦. وأبو داود ١/ ١٥٣، والترمذيَ ١/ ٤٢١، وابن ماجه ١/ ٢٥٨ كلهم عن أبي هُرَيْرَة.
(٢) في (م) أهله في جماعة.
(٣) متفق عليه أخرجه البخاري كتاب الأذان باب وجوب صلاة الجماعة ١/ ١٦٥، ومسلم في كتاب المساجد باب فضل صلاة الجماعة ١/ ٤٥١، ولفظه "أنَّ رَسُولَ الله ﷺ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هُمَمْتُ أَنْ آمُرَ بَحَطَبٍ فَيُحْتَطَبُ ثم آمُرُ بِالصَّلاَةِ فَيؤَذَّنُ لَهَا ثُمَّ آمُرُ رَجُلًا فَيَؤُمُّ النَّاسَ ثُمّ أُخَالِفُ إلَى رِجَالٍ فَأحرِقْ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ..) لفظ البخاري.
(٤) في (م) التارك وفي (ك) و(ص) العبارة غير واضحة.
(٥) في (ك) و(ص) جوارحهم وهي الصواب.
(٦) في (م) في غير ما موضع وكذا في (ك) و(ص).
1 / 306