199

القبس فی شرح موطأ مالک بن انس

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

پوهندوی

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

خپرندوی

دار الغرب الإسلامي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٩٩٢ م

ژانرونه

وافترقت الكلمة وتوصَّل أهل البدع والنفاق إلى الانفراد بآرائِهِم الداخلة على أهل الإِسلام في دينهم، ولذلك منعنا من بنيان مسجد آخر يقصد به تفريق الكلمة وتشتيت الجامعة حتى لو وقع بين أهل محلة كلام أو أراد رجل أن ينتبذ عن جيرته، وكل ذلك لبناء مسجد ينفرد به لم يجز ويمنع من ذلك ويهدم عليه ويرد إلى أصحابه، ولذلك هدم النبي،ﷺ، مسجد الضرار (١) وألزم رجوع من ارتيب به إلى من خلص من الأنصار. حديث: "إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ" (٢) إلى آخره. توهم بعض علمائنا أن في هذا الحديث دليلًا على صحة العمل بخبر الواحد، وليس موضوع الحديث هذا وإنما موضوعه أنه يجوز الاكتفاء بالواحد عن الاثنين وعن الجماعة في صحة العمل علِى قوله إذا جعل ذلك إليه وقلد به كما قال النبي، ﷺ: "وَاغْدُ يَا أُنَيْس إِلَى امْرَأَةِ هذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارجمْهَا" (٣) فأكتفي بالواحد وسيأتي تحقيق ذلك وبيانه (في كتاب الحدود) (٤) إن شاء الله تعالى:

(١) وردت قصة مسجد الضرار في سورة التوبة آية ١٠٧ وهي قوله ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾. قال ابن العربي روي أن اثني عشر رجلًا من المنافقين كلهم من الأنصار من بني عمرو بن عوف بنوا مسجدًا ضرارًا بمسجد قباء وجاءوا إلى النبي ﷺ وهو خارج إلى تبوك فقالوا يا رسول الله قد بنينا مسجدًا لذوي العلة والحاجة والليلة المطيرة وإنا نحب أن تأتينا وتصلي فيه لنا فقال النبي ﷺ إني على جناح مضر وشغل ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه فلما نزل النبي ﷺ بقرب المدينة راجعًا من سفره أرسل قومًا لهدمه فهدم وأحرق. أحكام القرآن ٢/ ١٠١٢ وانظر تفصيل القصة في تفسير ابن كثير ٣/ ٤٥١، الدر المنثور ٣/ ٢٧٦، تفسير ابن جرير ١١/ ١٨. (٢) متفق عليه أخرجه البخاري من رواية ابن عمر ولفظه "إِنَّ بِلَالًا يُنادي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنادي ابنُ أُمِّ مَكْتومٍ" البخاري باب مواقيت الصلاة وفضلها باب الاذان بعد الفجر ١/ ١٦٠ ومسلم في كتاب الصيام باب بيان إن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر ٢/ ٧٦٨. والنسائي ٢/ ١٠، وأ حمد ٢/ ٧٢، ٧٣، ١٠٧، ١٢٣. (٣) الحديث متفق عليه من رواية أبي هُرَيْرَة وزيد بن خالد، فقد أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة. باب الاعتراف بالزنى ٨/ ٢٠٧، وفي باب أمر غير الإِمام بإقامة الحد غائبًا عنه ٨/ ٢١٢، وفي كتاب الأيمان والنذور باب كيف كانت يمين رسول الله،ﷺ، ٨/ ١٠٩. ومسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى: ٣/ ١٣٢٤ - ١٣٢٥وأبو داود ٤/ ٥٩١ والترمذي ٤/ ٣٩، وابن ماجه ٢/ ٨٥٢، وأحمد في المسند ٤/ ١١٥، ١١٦، والدامري ٢/ ١٧٧ والرسالة للشافعي فقرة ٦٩١، والموطّأ ٢/ ٨٢٢. (٤) زيادة من ك.

1 / 205