حقيقة النزول إلى مجازه وهو النزول بالمعاني، [القبس ص ٢٨٤].
وقال في العواصم: النزول على وجهين: نزول حركة ونزول إحسان وبركة، إلى أن قال: فما بثَّ الله من رحمته إلى سماء الدنيا على الخلق، في تلك الساعة، عبّر عنه بالنزول فيه عربية صحيحة [العواصم ص ٢٩٣].
وقد تابع، ﵀، الكلام في الصفات على هذا المنوال وهو المنهج المعروف لدى الأشاعرة في تأويل الصفات، وهو يردُّ على كلِّ من لم يسلك هذا الطريق وتمسّك بالعقيدة السلفية الصحيحة، ﵀ وسامحه، وكان الأجدر به والأولى وهو الإِمام البحر أن يكون سلفي العقيدة داعيًا إليها.
يقول، ﵀: ثم جاءت طائفة قالت إنه فوق العرش بذاته، وعليها شيخ المغرب أبو محمَّد عبد الله بن أبي زيد (ت ٣٨٩)، فقالها للمتعلمين فدكت بقلوب الأطفال والكبار [العواصم ٢٩٠ - ٢٩١].
هذه أمثلة من مذهبه في العقيدة والذي يتَّضح فيه جليًا مخالفة عقيدة السلف، وقد رددنا على كل ما ورد من ذلك خلال هذا الكتاب وأرجعناه إلى عقيدة السلف التي ندين الله بها، ونذهب إلى ما ذهب إليه السلف من السكوت عن التأويل والإيمان بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة، وننزِّه الله سبحانه عن الكيف والتشبيه بخلقه ونقول، كما قال البيهقي: وأسلمها الإيمان بلا كيف، والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق فيصار إليه. نقله الحافظ في الفتح ٣/ ٣٠، وقال ابن عبد البر: أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك ولا يجدون فيه صفة محصورة.
وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة، ويزعمون أنَّ من أقر بها مشبه وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله، ﷺ. [التمهيد] ويقول القرطبي في تفسيره: السلف الأول، ﵃، لا يقولون بنفي الجهة، ولا ينطقون بذلك بل نطقوا، هم والكافة، بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابُه وأخبرت رسلُه، ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة ثم ساق قول مالك: الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة. [تفسير القرطبي ٧/ ٢١٩].
1 / 22