188

القبس فی شرح موطأ مالک بن انس

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

پوهندوی

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

خپرندوی

دار الغرب الإسلامي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٩٩٢ م

ژانرونه

رَسُولُ الله ﷺ: "يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بالصَّلاَةِ" (١). وفي بعض طرق هذا الحديث: "أنَّ عُمَرَ، ﵁، لَما سَمِعَ النِّدَاءَ خَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله لَقَدْ رَأيْتُ مِثْلَ الذِي رَأَى عَبْدُ الله بْنُ زَيْدٍ؟ قَالَ النَّبيُّ، ﷺ: فَالْحَمْدُ لله" (٢) وبين هذين الحديثين من التعارض ما ترونه، ووجه الجمع بينهما أن النبيَّ، ﷺ، تشاور مع أصحابه كيف يتحيَّنون وقت الصلاة فقال بعضهم: نتخذ قرنًا مثل قرن اليهود، وقال بعضهم: نتخذ ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: أوقدرا نارًا، وقال عمر، ﵁: نادوا بالصلاة كأنه يقول: الصلاة الصلاة لا تفصيل الأذان وكيفيته. فوقف النبيُّ، ﷺ ينظر في ذلك فرأى عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب، ﵄، الرؤيا فيه، وسبق عبد الله بن زيد إلى رسول الله، ﷺ، فأعلمه وأمر رسول الله، ﷺ، بذلك وقال: "إن هذه الرؤيا حق"، وسمع عمر الأمر فأخبر برؤياه فحمد الله تعالى رسول الله، ﷺ، على ما كان من الإرشاد إلى الحق وألهم إليه من انتظام الأمر. وفي هذا الحديث دليل على أصل عظيم من أصول الفقه وهو القول في الدين بالقياس والاجتهاد. ألا ترى إلى مشاورة النبيّ، ﷺ، مع أصحابه في الأذان، ولم ينتظر في ذلك من الله وحيًا، ولا طلب منه بيانًا، وإنما أراد أن يأخذ فيه ما عند أصحابه من رأي

(١) أبو داود ١/ ٣٣٧ من طريق ابن إسحاق، والترمذي ٨/ ٣٥١ وقال: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح، وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الآذان مثنى مثنى والإقامة مرة، وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربّه، ويقال: ابن عبد ربّ، ولا نعرف له عن النبيّ، ﷺ، شيئًا يصح إلا هذا الحديث الواحد في الأذان. ونقل الحافظ كلام الترمذي السابق في ترجمته في الإصابة ٢/ ٣١٢ ثم قال: وقال ابن عدي: لا نعرف له شيئًا يصح غيره وأطلق غير واحد أنه ليس له غيره وهو خطأ فقد جاءت عنه عدة أحاديث، ستة أو سبعة، جمعتها في جزء. ورواه البيهقي في السنن الكبرى ١/ ٣٩٠ - ٣٩١ من طريق إبراهيم بن سعد، ثم قال: روي عن محمَّد بن يحيى الذهلي قال: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الآذان خبر أصح من هذا، يعني حديث محمَّد بن إسحاق عن محمَّد ابن إبراهيم التيمي عن محمَّد بن عبد الله بن زيد، لأن محمدًا سمع من أبيه. ثم قال: وفي كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي قال: سألتُ محمَّد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، يعني حديث محمَّد بن إبراهيم التيمي، فقال: هو عندي صحيح. ورواه ابن خزيمة في صحيحه من نفس الطريق مختصرًا، ١/ ١٩٣ وقال: هذا حديث ثابت صحيح من جهة النقل لأن محمدًا سمعه من أبيه ومحمد بن إسحاق قد سمعه من محمَّد بن إبراهيم التيمي وليس هو مما دلسه محمَّد بن إسحاق. درجة الحديث: صحيح. (٢) هذا هو سياق الترمذي لحديث عبد الله بن زيد المتقدم. سنن الترمذي ١/ ٣٥٨، وأحمد. انظر الفتح الرباني ٣/ ١٤.

1 / 194