121

القبس فی شرح موطأ مالک بن انس

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس

پوهندوی

الدكتور محمد عبد الله ولد كريم

خپرندوی

دار الغرب الإسلامي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٩٩٢ م

ژانرونه

حديث: قال أبو هُرَيْرَة، ﵁، قال رسولُ الله، ﷺ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ (١) فَلْيُوتِرْ". عقَّب مالك، ﵁، حديث عبد الله بحديث أبي هُرَيْرَة ليبيِّن تأكيد المضمضة والاستنشاق (٢)، وأن النبيَّ، ﷺ، كما فعلهما فعلًا فكذلك أمر بهما قولًا. وقد اختلف عن النبيّ، ﷺ، فروي عنه أنه تمضمض واستنشق من غرفة واحدة (٣) وذلك كما بيناه يختلف بحسب اختلاف كثرة الماء وقلته وحاجة العضو إلى النظافة واستغنائه لا أن التعديد فيهما سنة كما توهّمه بعض الناس. وأما قوله: "مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ" فإنه يعني بذلك أن يكون بحجر واحد، أو ثلاثة، أو خمسة ولا يكون بالشفع؛ فإنَّ النبيَّ، ﷺ، كان يحب الوتر في أفعاله (٤) كلها. وقد روى مسلم (٥): "الِاسْتِجْمَارُ توٌّ وَالطَّوَافُ تَوٌّ" يعني وِترًا، واختلف الناس في التطيُب هل هو مثله أم لا؟ فكان مالك، ﵁، إذا أراد أن يتجمَّر طيبًا كسر العود ثلاث كسر حتى يكون وترًا، وروى بعض أصحابه أن أعرابيًا قال له: إنا نسمي استعمال الحجارة في الغائِط استجمارًا فرجع إليه (٦)، ومالك كان أوسع حوصلة من أن يكون ذلك الأعرابي يلقنه أن استعمال الحجارة هناك يسمى استجمارًا، وإنما أصغى إليه مالك، ﵁، لأنه رآه يقتصر على ذلك الوضع، ولم يفهم حمله على العموم للفظة المشتركة في الطيب

(١) متفق عليه، البخاري في كتاب الوضوء، باب الاستنثار في الوضوء: ١/ ٥٢، ومسلم في الطهارة، باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار: ١/ ٢١٢، والموطأ ١/ ١٩. (٢) الموطّأ: ١/ ١٩. (٣) متفق عليه، البخاري في الوضوء، باب من تمضمض واستنشق من غرفة واحدة: ١/ ٥٩، ومسلم في كتاب الطهارة، باب وضوء النبي، ﷺ: ١/ ٢١٠، من حديث عبد الله بن زيد السابق. (٤) متفق عليه، البخاري في الدعوات، باب إن لله مائة اسم غير واحد: ٨/ ١٠٨ ومسلم في الذكر، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها: ٤/ ٢٠٦٢ - ٢٠٦٣ كلاهما عن أبي هُرَيْرَة عن النبي، ﷺ، قال: إن لله تِسْعَةَ وَتسْعِينَ اسْمًا مَنْ حَفَظَهَا دَخَلَ الجَنةَ وَإنَّ الله وِترٌ يحبُّ الوِتْرَ. (٥) مسلم في الحج، باب بيان أن حصى الجمار سبع: ٢/ ٩٤٥، من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله، ﷺ (الاسْتِجْمَارُ تَوٌّ وَالطَوَافُ تَوٌّ، ورَمْيُ الجِمَارِ تَوٌّ ..). (٦) قال الباجي: اختلف مالك وأصحابه في الاستجمار، فروى سحنون في التفسير قال: قال لنا علي بن زياد قلت لمالك: كيف الوتر في الاستجمار؛ فقال: أما أنا فآخذ العودَ فاكسره ثلاث كسر واستجمر بكل كسرة منهن، فإن كان العود مدفونًا أخذتُ منه ثلاث مرات. قال علي: فكلمه في ذلك رجل من قريش، وأنا شاهد، فقال: إن العربَ تسمي الاستجمار بالحجارة من الغائط استجمارًا، فرجع إلى ذلك مالك. قال علي: وقوله الأول أحبّ إليّ. قال سحنون: القول ما رجع إليه مالك، المنتقى: ١/ ٤٠ - ٤١.

1 / 127