والذي جاء في الصحيح من حديث عبد اللَّه بن مسعود ﵁: "أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم قرأ: ﴿وَالنَّجْمِ﴾ فسجد فيها، وسجد من كان معه غير أن شيخًا من قريش أخذ كفًا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته فسجد عليه. قال عبد اللَّه: فلقد رأيته بَعْدُ قُتِلَ كافرًا" أخرجه الشيخان في صحيحيهما.
وصح من حديث ابن عباس ﵄: "أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم سجد بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس" رواه البخاري ﵀.
فهذا الذي جاء في الصحيح لم يذكر فيه أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذكر الغرانيق ولا شفاعتها، ولا شيئًا من تلك القصة، والذي ذكره المفسرون عن ابن عباس في هذه القصة، إنما هو من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ﵁، والكلبي ضعيف جدًّا، بل متروك، ولذا قال ابن العربي المالكي: إن قصة الغرانيق باطلة لا أصل لها.
وقال القاضي عياض: إن قصة الغرانيق لم يخرجها أحدٌ من أهل الصحة، ولا رواها ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلتها واضطراب رواياتها وانقطاع إسنادها، وذكر أن من حملت عنه من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم، ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية.
قال: وقد بَيَّنَ البزار أنها لا تعرف من طريق يجوز ذكره إلا طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير ﵁، مع الشك الذي وقع في