فقالوا له: كذبت ثم قالوا: شرنا، وابن شرنا وتنقصوه.
فقال ابن سلام: يا رسول الله! ذاك الذي كنت أخاف على نفسي منهم فأخرجهم رسول الله ﷺ " (١).
وصدق الله العظيم حيث قال: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠)﴾ [الأحقاف: ١٠].
فهذه شهادة مِن رجلٍ مَنَّ الله عليه بالإِسلام من اليهود في رسول الله ﷺ وفي اليهود، فأخبر في شهادته أن رسول الله ﷺ حق، وأن اليهود قوم بهت.
عباد الله! إذا كانت اليهود تعلم أن رسول الله ﷺ حق بشهادة أعلمهم وهو عبد الله بن سلام، فتعالوا بنا لنرى شهادة النصارى أيضًا في رسول الله ﷺ، وكيف أن أحبارهم ورهبانهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)﴾ [البقرة: ١٤٦].
ويظهر لنا ذلك من قصة إسلام سلمان الفارسي ﵁.
عن ابن عباس ﵄ قال: حدثني سلمان عن نفسه فقال: كنت رجلًا فارسيًا من أهل (أصبهان)، من أهل قرية منها يقال لها: (جيّ)، وكان أبي دهقان قريته (أي رئيسها)، وكنتُ أحبُّ خلقِ اللهِ إليه، فلم يزل به حُبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، وأجهدت في
(١) رواه البخاري (رقم ٣٣٢٩).