156

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

خپرندوی

مكتبة الغرباء

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ

د خپرونکي ځای

الدار الأثرية

ژانرونه

تقول ﵂: "فأقمنا مع خير جار في خير دار" (١). عباد الله! لما فشلت قريش في محاولتها الغادرة وهي إرجاع المهاجرين من أرض الحبشة إلى مكة، أخذوا يصبوا العذاب صبًا على المسلمين في مكة ويضيقون عليهم. "فهذا أبو بكر الصديق ﵁ حين ضاقت عليه (مكة) وأصابه فيها الأذى، ورأى من تظاهر قريش على رسول الله ﷺ وأصحابه ما رأى؛ استأذن رسول الله ﷺ في الهجرة، فأذن له" (٢). عباد الله! تعالوا بنا لنستمع إلى عائشة ﵂ وهي تخبرنا الخبر، تقول ﵂: "لم أعقل أبويّ قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم، إلا يأتينا فيه رسول الله ﷺ طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى بلغ بَرْك الغماد -وهو موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن- لقيه ابن الدُّغنة -وهو سيد القارة (٣) - فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي. قال ابن الدَّغنة: إن مثلك يا أبا بكر لا يَخرج ولا يُخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع، وارتحل معه ابن الدَّغنة فطاف ابن الدَّغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا

(١) انظر "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص. ١٧ - ١٧٧). (٢) انظر "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ٢١٢). (٣) القارة: قبيلة مشهورة، يضرب بهم المثل في قوة الرمي.

1 / 147