133

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

خپرندوی

مكتبة الغرباء

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ

د خپرونکي ځای

الدار الأثرية

ژانرونه

أتاهم، قال له عمه: يا ابن أخي! إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم. فَحَلّقَ رسولُ الله ﷺ ببصره إلى السماء، فقال: "ترون هذه الشمس؟ " قالوا: نعم، قال: "فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشتعلوا منها بشعلة". - والمعنى ما أقدر أن أترك دين الله الذي أمرني بتبليغه كما أنكم لا تقدرون أن تأتوا من الشمس بشعلة تشتعلون بها- "فقال أبو طالب: والله! ما كذب ابن أخي قط، فارجعوا" (١). عباد الله! وهكذا أيد الله سبحانه نبيه بعمه على مخالفته لدينه، ولذا قال ﷺ: "إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر" (٢). فأيد الله ﵎ رسوله ﷺ بأبي طالب مع أنه مات على الكفر. عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ مما سمعنا فهي: أولًا: الداعي إلى الله لا يترك دعوته أبدًا في مقابل عرض من أعراض الدنيا، فما من نبي جاء لقومه إلا قال لهم: ﴿يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ ﴿وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا﴾. ورسولنا ﷺ عندما عرض عليه كفار مكة المال والجاه والسلطان لم يناقشهم فيها، فهي أسقط وأذل من أن تناقش، ولكنه عرض عليهم أن يؤمنوا بالله وحده فتلى عليهم القرآن. وهذا سليمان ﵇ بعث بكتابه إلى بلقيس ملكة سبأ يدعوها

(١) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٤٤). (٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٠٦٢)، ومسلم (رقم ١١١).

1 / 124