سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

Saleh bin Taha Abdul Wahid d. 1439 AH
113

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام

خپرندوی

مكتبة الغرباء

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ

د خپرونکي ځای

الدار الأثرية

ژانرونه

مالك؟ فقال له: "فعل بي هؤلاء وفعلوا". فقال جبريل ﵇ "أتحب أن أريك آية؟ قال: "نعم" قال: فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، فقال: ادع بتلك الشجرة فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه. فقال: مرها فلترجع. فأمرها فرجعت إلى مكانها. فقال رسول الله ﷺ: "حسبي" (١). ومضى رسول الله ﷺ يبلغ رسالة ربه، ويدعو الناس إلى دين الله صابرًا محتسبًا، واقفًا عند أمر ربه ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٨٩)﴾ [الزخرف: ٨٩]. عباد الله! رسولنا ﷺ على خلق عظيم كما شهد له ربه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)﴾، فقد كان كفار مكة يعتدون عليه بالسب والشتم والضرب، ومع ذلك كان لا ينتقم لنفسه أبدًا، بل جاءه ملك الجبال وقال له: يا محمَّد لقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فإن شئت أطبقت عليهم الأخشبين (أي الجبلين) فقال رسول الله ﷺ: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا" (٢). رسول كريم، إنها أخلاق النبوة، ويجب على الدعاة أن يتأسوا برسول الله ﷺ في الصبر على أذى الكفار، وأن يمضوا في الدعوة إلى هذا الدين العظيم. عباد الله! تعالوا بنا لننظر إلى هذا الخلق العظيم من رسول الله ﷺ وكفار مكة يجمعون عليه الإيذاء بالقول والفعل، ومع ذلك فهو يعفو ويصفح. عن عروة قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاصي: ما أكثر ما رأيت

(١) "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص ١٣٨). (٢) متفق عليه، رواه البخاري (رقم ٣٢٣١)، ومسلم (رقم ١٧٩٥).

1 / 104