Paradise Under Your Feet
الدفاع عن الله ورسوله وشرعه
ژانرونه
الإخبار بمجيء الساعة بغتة
وفي سورة سبأ في الآية الثالثة قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ﴾ [سبأ:٣]، فهم ينكرون ويجحدون الساعة؛ لأنهم دهريون، يقولون: إنما هي حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر، ولا رجعة بعد ذلك.
فقال الله ﵎ رادًا عليهم: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ:٣].
وقال رادًا على المنكرين للبعث والحساب في الآيتين (٢٩ - ٣٠) من نفس السورة: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ﴾ [سبأ:٢٩ - ٣١].
وقال تعالى في سورة الشورى في الآيتين (١٧ - ١٨): ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ [الشورى:١٧ - ١٨]، وهذه الآية فيها ترغيب وترهيب، كما أن فيها تزهيدًا في الدنيا، وأما الكافرون الجاحدون فيقولون: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [يونس:٤٨] على سبيل التعنت والتكذيب، وأما المؤمنون فهم خائفون وجلون من وقوعها، ويعلمون أنها الحق من ربهم، وأنها كائنة لا محالة، فهم مستعدون لها، عاملون من أجلها، عالمون أن الذي خلق السماوات والأرض قادر على إحياء الموتى بطريق الأولى والأحرى، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم:٢٧]، وقال تعالى في سورة الزخرف في الآية (٦١): ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [الزخرف:٦١]، وفي الآية (٦٦): ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [الزخرف:٦٦]، وفي الآية (٨٥) قال تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [الزخرف:٨٥].
وفي سورة محمد ﷺ قال الله تعالى في الآية (١٨): ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ [محمد:١٨]، أي: علاماتها وأماراتها.
فالساعة لها أشراط صغرى وأشراط كبرى، ولم يظهر شيء من الأشراط الكبرى بعد.
والله ﵎ قال: «فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا»، فعبر عنها بصيغة الماضي؛ ليدل على أن هذه الأشراط لما كانت متحققة وواقعة لا محالة فكأنها وقعت بالفعل؛ ليدل على اقتراب الساعة.
ومن أشراط الساعة بعثة النبي ﷺ، قال ﷺ: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وضم السبابة والوسطى).
وليس بعد بعثة النبي ﵊ حدث أعظم من قيام الساعة، ولذلك قال: (بعثت أنا والساعة)، أي: ليس شيء بعدي إلا قيام الساعة، فليس هناك نبي يرسل ولا كتاب ينزل، بل قيام الساعة، فليس هناك حدث بعدي إلا هذا: ﴿فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ [محمد:١٨].
فمن أشراط الساعة بعثة نبينا محمد، فهو أمارة اقترابها ودنوها، فهو خاتم الرسل الذي أقام الله به الحجة على العالمين وأكمل به الدين، وقد جاء في أسمائه ﵊ أنه نبي التوبة، ونبي الملحمة، وهو الحاشر الذي يحشر الناس على قدميه، وهو العاقب الذي ليس بعده نبي.
وفي سورة الجن في الآيات (٢٥ - ٢٨) قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا﴾ [الجن:٢٥]، فالنبي ﵊ يتبرأ من علم الغيب ومنه علم غيب الساعة، وأنه لا يدري أقريب ما وعدهم الله ﷿ به من قيام الساعة أم أن الله ﵎ جعل لذلك أمدًا بعيدًا أو قصيرًا أو قريبًا، فقال: ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا * عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن:٢٥ - ٢٨].
وفي سورة الملك في الآيات (٢٥ - ٢٦) قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَ
8 / 12