وفاته:
تُوُفِّي ابن حجر بعد عشاء ليلة السبت ثامن ذي الحجة سنة ٨٥٢ هـ، رحمه الله تعالى، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير ما يَجزي به عباده الصالحين مِن العلماء العاملين.
مكانته في هذا العلم:
الإمام الحافظ ابن حجر، رحمه الله تعالى، لم يكن في "نزهة النظر" مجرّد ناقل، وإنما كان ناقلًا ناقدًا؛ فَيَنْقُل ويَقْبل ويَرُدّ؛ وكان يَرُدّ بالحجة والبرهان، وكم مِن رأيٍ فنّده، وكم مِن قائلٍ بَدَا قوله تحقيقًا فَكَشف ابن حَجر عن أسباب ضعفه!
وكان الحافظ مثالًا للأدب والخُلُق الإسلامي في ردّه على العلماء ومناقشته لآرائهم، فكان يوجز في بيان خطأِ المخطئ، ويُعَبِّرُ عن ذلك بعبارةٍ لطيفة، وفي "النزهة" أمثلةٌ لهذا بإمكان القارئ ملاحظتها.
ولم يكن ابن حجر مقلِّدًا، وإنما كان إمامًا مجتهدًا، وكان في اجتهاده إمامًا محقِّقًا، فتميزتْ آراؤه بالدقة والابتكار في كثير مِن الأحيان.
ولعلّ "النزهة" مِن أوضح الأمثلة الدالة على صفات الإمام ابن حجر العلمية هذه؛ إذْ جاءت "النزهة": مختصرةً، شاملةً، مبتكرةً في طريقةِ عرْضها لعلوم الحديث وتقسيمات علوم الحديث عند المحدِّثين، كما أنها قد عُنِي فيها بالتحقيق والترجيح العلميّ الرصين في مختلَف مسائل هذا العلم.
وكان ابن حجر واسع الاطّلاع، صاحب باعٍ طويل في المشاركة في مختلف أنواع علوم الحديث، ومِن الأدلة على هذا: أنه قَلَّ أنْ يَذْكر في
1 / 20