ولمّا جرى للمجد والقومُ خلفه ... تغوَّل أقصى جهدهم وهو وادع
وهل يتكافا الناس شتى خلالهم ... وما تتكافا في اليدين الأصابع
يّبجَّلُ إجلالًا ويكبر هيبةً ... أصيلُ الحجا فيه تقي وتواضع
إذا ارتدَّ صمتا فالرؤوس نواكسٌ ... وإن قال فالأعناق صورٌ خواضع
وتسود من لبس السلاح وحمله ... سرابيلُ وضَّاح به المسك رادع
منيفٌ على هام الرجال إذا مشى ... أطال الخطى بادي البسالةِ رائع
وأغلبُ ما تنفك من يقظاته ... ربايا على أعدائه وطلائع
جنانٌ على ما جرّتِ الحرب جامع ... وصدرٌ لما يأتي به الدهر واسع
يدٌ لأمير المؤمنين وعدةٌ ... إذا التاث خطبٌ أو تغلب خالع
مغامرُ حربٍ ماتزال جياده ... مطلّحةً منها حسيرٌ وظالع
جديرٌ بأن تنشق عن ضوء وجهه ... ضبابةُ نقعٍ تحتها الموتُ ناقع
وأن يهزم الصف الكثيف بطعنةٍ ... لها عاملٌ في إثرها متتابع
تذود الدنايا عنه نفسٌ أبيةٌ ... وعزمٌ كحد الهند وانّي قاطع
بعيدُ مقيل السرِ لا يدرك التي ... يحاولها منه اللبيبُ المخادع
ولا يعلمُ الاعداء من فرطِ عزمه ... متى هو مصبوب عليهم فواقع
خلائقُ ما تنفكُّ توقف حاسدًا ... له نفسٌ في إثرها متراجع
ولن ينقل الحسادُ مجدك بعدما ... تمكَّن رضوى واطمأنَّ متالع
أأكفرك النعماء عندي وقد نمت ... عليَّ نموَّ الفجر والفخر ساطع
وأنت الذي أعززتني بعد ذلتي ... فلا القول مخفوض ولا الطرف خاشع
وأغنيتني عن معشرٍ كنتُ برهةً ... أكافحهم عن نيلهم وأقارع
فلستُ أبالي جاد بالعرف بازلٌ ... على راغبٍ أو ضنَّ بالخير مانع
وأقصرت من حمد الرجال وذمهم ... وفيهم وصولٌ للإخاء وقاطع
أرى الشكر من بعض الرجال أمانةً ... تفاضلُ والمعروف فيهم ودائع
ولم أر مثلي أتبع الحمدَ أهله ... وجاز أخا النعمى بما هو صانع
قصائد ما تنفك فيها غرائب ... تألق في إضعافها وبدائع
مكرمةُ الانساب فيها وسائلٌ ... إلى غير من يحبي بها وذرائع
تنالُ منال الليل في كلّ وجهةٍ ... وتبقى كما تبقى النجوم الطوالع
إذا ذهبت شرقًا أو غربًا فأمنعت ... تبينتُ من تركو لديه الصنائع
وقال يمدحه
بنا أنت من مجفّوةٍ لم تُعتَّبِ ... ومعذورةٍ في هجرها لم تؤنَّب
ونازحةٍ والدار منها قريبةٌ ... وما قربُ ثاوٍ في التراب مغيَّبِ
قضت عقبُ الأيام فينا بفرقةٍ ... متى ما تغالب بالتجلد تغلب
فإن أبك لا أشفِ الغليل وإن أدع ... أدع لوعةً في الصدر ذات تلهب
ألا لا تذكّرني الحمى إن ذكره ... جوىً باطنٌ للمستهامِ المعذب
إتت دون ذاك الدهر أيامُ جُرهُم ... وطارت بذاك العيش عنقاء مغرب
ويا لائمي في عبرةٍ قد سفحتها ... لبينٍ وأخرى قبلها لتجنب
تحاول منّي شيمةً غير شيمتي ... وتطلبُ عندي مذهبًا غير مذهبي
وما كبدي بالمستطيعة للأسى ... فأسلو ولا قلبي كثير التقلّب
ولمّا تزايلنا من الجزع وانتأى ... مشرَّق ركبٍ مصعد عن مغرّب
تبينت أن لا دار من بعد عالجٍ ... تسّرُّ وأن لا خلةً بعد زينب
لعلَّ وجيف الركب في غلسِ الدجى ... وطيَّ المطايا سبسبًا بعد سبسب
يُبلغني الفتح بن خاقان إنَّه ... نهايهُ آمالي وغايةُ مطلبي
فتى لا يرى أكرومةً لمزنّدٍ ... إذا ما بدت أكرومة لم يُعقَّب
ومستشرفٍ بين السماطين مشرق ... علىأعين الرائين يعلو فيرتبي
يغضّون فضل الطرف من حيث ما بدا ... لهم عن مهيب في الصدور محبب
إذا عرضوا في جدّهِ نفرت بهم ... بسالة مشبوح الذراعين أغلب
غدا وهو طودٌ للخلافةِ ماثلٌ ... وحدُ الحسام للخليفة مُقضب
نفى البغي واستدعى السلامة وانتهى ... إلى شرفِ الفعل الكريمِ المهذبِ
إذا انسابَ في تدبير أمرٍ ترافدت ... له فكرٌ ينجحنَ في كبّ مطلب
خفيُّ مَدَبّ الكيد تثني أناتُه ... تَسرُّع طيشِ الجاهل المتوثب
1 / 27