وقال: لما خلقت بيدي، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه وعلى ما فرطت في جنب الله، ويم يكشف عن ساق، ونفخت فيه من روحي، هو قائم على كل نفس.
وقال: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام } يوم القيامة، وغير ذلك من الآي.
الجواب: أن للقرآن تأويلا وتفسيرا، فمن تأوله على خطئه وهواه ضل، وذلك أنه إذا مرت بنا آية من هذه الآي. فأخبر تعالى بما يوجب شيئا من ذلك، يؤمن به وينزه الله أن تكون له جارحة، أو جزء، أو بعض، أو شبه، أو مثل، ويكل تأويل ذلك إلى الله، ويؤمن به، ويقول: لا يعلم تأويل ذلك إلا الله.
وقال بعض: إنا نعلم أن الله أنزل كتابا بلغة العرب، كما ورد من الآي والأخبار، ليس فيها ما يخرج من لغة العرب، فلا بد مما يطلب معناها، عما تقتضيه اللغة، فإن وجدنا لذلك اللفظ في اللغة معاني، تجوز جميعها على الله تعالى، وإثباته في وصفه، ثم إنا نقطع بنفي أحد ما يجوز في وصفه، فيحمله على ذلك على سبيل التجويز والاحتمال، لا على سبيل القطع واليقين، بل نقول: يحتمل أن يكون كذا وكذا، مما هكذا.
وكذلك ما يجوز إثباته، ويقطع بأنه لا يكون معناه ما يوجب تشبها بخلقه، أو إثبات عضو وبعض، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقيل: كل ما وصف الله تعالى به نفسه، مما له المعاني الكثيرة، فأحقها به عز وجل، ما وافق صفاته الذاتية. وبالله التوفيق.
الباب السادس والأربعون
في النفس وتفسيرها
والرد على من قال: إن الله تعالى نفسا منفوسة.
النفس في لغة العرب: على معان مختلفة .
فمنها: ما يراد به النفس المنفوسة، وهو كقوله تعالى: { كل نفس ذائقة الموت } .
ومنها: ما يراد به التوكيد، كقولهم: هذا الحق نفسه، ومنه قول موسى - عليه السلام - إني ظلمت نفسي، أي إني ظلمت لا غير ذلك.
والنفس: الرأي والإدارة، كقولهم: نفس فلان في كذا وكذا، أي إرادته فيه، وهو بين نفسين وإرادتين.
ومنه قول الكميت يذكر حمارا:
مخ ۳۹