قيل لهم: ما الفضل بينكم وبين قلب عليكم، فقال: موسى أولى بالنبوة وباتخاذ الكلمة به، من عيسى، لأن موسى كان يخترع ذلك اختراعا، وعيسى كان يدعوا الله فيفعل ذلك على يديه، من أن في كتابكم: أن عيسى كان يدعو الله ويتضرع إليه؟
فإن قالوا: لم يكن دعاؤه إلا على معنى: أن يعلم الناس كيف يدعون.
قيل لهم: ما الفضل بينكم وبين من ادعى ذلك في موسى عليهما السلام؟
وسئل بعض النصارى فقيل له: حدثني ما معنى قولك: إن كلمة البارئ اتجدت بجسد المسيح؟
فقال معنى ذلك: أنها حلت فيه.
قيل له: فإذا جاز أن تحل الكلمة القديمة جسد المسيح، فلم يجوز أن تماس الكلمة القديمة جسد المسيح؟ وما الذي يمنع من جواز مماسة الكلمة جسد المسيح؟
قال: لأن المماسة لا تكون إلا على ما يعقل من التقاء طرفين، وذلك منفي عن الإله.
قيل له: ما الفضل بينك وبين من قال: والحلول لا يكون إلا على ما يعقل، من حلول الشئ في الشئ، وحاجته القيام به؟ فإن جاز عندك أن تحل الكلمة جسد المسيح، على خلاف الحلول الذي نعقله من حلول الشئ، بمعنى الحاجة إليه، والمماسة له، وهي معنى أنه لا قوام له إلا به، فما أنكرت أن تماس الكلمة جسد المسيح، على خلاف المماسة المعقولة، من مماسة الشئ للشئ.
فقال: لا يجب أنه إذا حلت الكلمة جسد المسيح، أن أقول: ماست جسد المسيح، كما لا يجب أن البارئ حال في السماء، أن يكون مماسا لها.
قيل له: ومن سلم لك أنا البارئ في السماء، أن يكون مماسا لها وما أنكرت أنه إذا جاز أن يحل البارئ في السماء، وهو قائم بنفسه، أن يكون جائزا أن يماس السماء وإذا حلت الكلمة جسد المسيح وهو جوهر خاص، أن يكون جائزا أن يمسه.
فقال: جوهر. وهو حال في النفس وليس مماسا لها.
فقلت: وما تنكر أن جوهر العقل جوهر، وهو حال في النفس، وليس بمماس لها.
مخ ۲۵