ولا يوصف بأنه رفيق؛ لأن الرفق في الأمور: هو الإحسان -خ-: الاحتيال، لأصلاحها، وإتمامها. والبارئ لا يحتاج إلى احتيال، يتم به أفعاله ومراده. فلم يجز أن يوصف بالرفق، ولا الترفق. ولا يوصف، بأنه فاضل ولكنه مفضل، بما يفعل من الفضل على غيره.
ولا يجوز أن يفضل هو بذلك، لأنه مستغن عن الأفعال أن يفضل بها. ولا يوصف بأنه شجاع؛ لأن الشجاعة إنما هي من الجراءة على المكاره، والأمور المخوفة. والله تعالى، لا يجوز أن يخف شيئا، ولا يحذره. فلم يوصف بالشجاعة ولا الجراءة.
ولا يوصف بأنه وزير، ولا مساعد لأحد من خلقه، ولا أنهم وزراء له؛ لأن تأويل الوزير: هو أنه وازر صاحبه.
ومعنى الموازرة: هي أن كل واحد منهما، قد شد إزاره مع صاحبه، لعينه على ما هو فيه، من شد الإزار، اشتق له اسم الموازر؛ لأن العرب كانت إذا توازرت، فعلت هذا الفعل، وشدت على أنفسها الإزار. فلم يجز أن يكون الله تعالى وزيرا لأحد من خلقه. ولا يكون له زير منهم.
وكذلك المساعدة. إنما تأويلها في اللغة: أن يجعل ساعده ويده في الأمر، الذي جعل فيه صاحبه ساعده. فقالوا لمن تابع صاحبه، على الأمر الذي ساعده، فذلك لا يجوز على الله.
ولا يوصف بالسكوت ولا الترك على الحقيقة؛ لأن الترك: هو كف النفس عن الفعل، الذي يتركه، وضبط النفس عن ذلك. فلما كان الله تعالى لا تحل أفعاله فيه، لم يجز أن يكف نفسه عنها. ولم يجز أن يكون تاركا لها.
ولا يوصف بأنه نبيل، لأن النبل عند أهل اللغة: إنما هو الحسن والجمال، مع صيانة النفس، وتكامل الخلال المحمودة. فلما كان الله سبحانه، لا تجوز عليه الأحوال، لم يجز أن يفضل، وأن ينبل بأفعاله، ولا يتكامل بالخلال، كما ينبل النبيل منا.
ولا يوصف، بأنه حاذق؛ لأن الحذق في اللغة: أصله القطع. يقال: سكين حاذق يراد به حاد. وخل حاذق: شديد الحموضة، كأنه يقطع.
مخ ۲۱۸