160

نور

النور لعثمان الأصم

ژانرونه

غيره: فالله هو الرءوف؛ لأنه الراحم بعباده، ولا راحم أرحم منه. ولا غاية وراء رحمته- تبارك وتعالى، الرءوف الرحيم.

الباب الخامس والتسعون والمائة

في الأول والآخر

قيل له - عز وجل - : الأول؛ لأنه لم يزل قبل كل شيء. وكانت الأشياء بعده محدثة.

ودل بأوليته، على أنه لا يزال؛ لأن الذي لا أول له، لا آخر له. فلما ثبت أن الأشياء محدثة، وأن المبتدع لها، لم يزل قبلها. ولا يزال بعده، دل أن الذي ابتدعها، ولم يزل قبلها، ولا يزال بعدها، هو الأول الذي لا يزال قبلها، والآخر الذي يكون بعده أبديا. فقيل له: الأول والآخر.

وقيل: قوله تعالى: هو الأول، أنه لم يزل ولا شيء. والآخر: أنه يبقى ولا شيء. يفنى الأشياء كلها.

وإنما اختلفت اللفظتان، في أول وآخر، لوجود العالم وعدمه؛ لأنه قيل له: أول، يراد به لم يزل ولا شيء فلما أحدث العالم ثم أفناه. قيل له: آخر، يراد به، أن العالم فني. والأول: هو الآخر.والآخر: هو الأول.

فإن قال قائل: لم يزل أولا آخرا؟

قيل له: الأول والآخر، لم يزل.

وأما قوله: لم يزل أولا. فهو كلام صحيح؛ لأنه لم يزل ولا شيء. وأما قوله: لم يزل آخرا، يريد أن الأشياء لم تزل، وفنيت. وهو آخر، أنه باق. وهذا كلام خطأ، لأن الأشياء لا يقال لها: لم تزل ولا يقال: لم تزل فانية؛ لأن هذا متناقض؛ لأن قولك: لم تزل إثبات لها أنها لم تزل موجودة.

وقولك لم تزل فانية. كأنك قلت: لم تزل موجودة معدومة. وهذا نقض. ولكن يقال: لم يزل أولا. يراد أنه لم يزل أولا ولا شيء. فلما أحدث الأشياء، صارت موجودة أوجدها. فقيل لها: موجودة إذا أوجدها. والأشياء صارت موجودة، إذا حدثت.

وليس قولهم: يكون آخرا، كما كان أولا. ولا أنه تعالى يحدث منه تغيير. ولكن المراد في ذلك أن الأشياء تفنى، بعد أن كانت موجودة، ووجدت بعد أن لم تكن شيئا. فاختلف التغيير؛ لاختلاف وجود الأشياء وعدمها.

والأول: هو الآخر. والآخر: هو الأول. وبالله التوفيق.

مخ ۱۶۰