جعل الله أبدانهم، تغتذي بالحلال والحرام، كما جعل استطاعتهم تصلح للإيمان والكفر. كذلك جعل أبدانهم تغتذي بالحلال والحرام، ابتلاء وامتحانا. ولو جعل أبدانهم لا تغتذي إلا بالحلال فقط، لكانوا قد لجأوا واضطروا إلى أكل الحلال. والملجأ المضطر، لا يستحق ثوابا ولا عقابا. وبالله التوفيق.
الباب الثالث والستون والمائة
في الحكمة في ذبح الحيوانات وإيلامها
الحكمة في ذبح الحيوانات: أن الله تعالى له أن يميت كل ما خلق ويفنيهم. فلما كانت الحيوانات خلقا من الله، فله أن يميتها، جعل الله موتها على أيدينا، فذبحها منفعة لنا، بذبحها وإيلامها وركوبها. والله يعوضها على ذلك.
وكذلك تسليط البهائم والطيور، بعضها على بعض. فإن الله يعوضها، مما ينال بعضها من بعض، ولا يفعل الله شيئا من ذلك عبثا ولله أن يأمر بذبح الحيوان.
وقد أمر إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أن يصدق رؤياه، بذبح ولده، وأمر الخضر -عليه السلام- بقتل الغلام. وأمر بني إسرائيل، بقتل تعضهم بعضا. وليس ذلك بأكثر من أن يأمر ملك الموت، بقبض أرواحهم. ولو لم يكن لله ذلك، فله أن يميتهم، بعد أن خلقهم، مع أن في قتلهم أهون إثما من موتهم. وأيضا فإن هذه الحيوانات، لو لم تذبح وأهملت، لصارت من الكثرة إلى الضياع والموت،بالحوادث الفظيعة التي هي أفظع من الذبح، لأنها ليست، أو ليس أكثرها ممن تحمى نفسها. وهي إن لم تذبح، تموت لا محالة. ولسنا مع ما قد بينا، نجيز ذبح الحيوان، للتلذذ والطرب، واللعب والعبث بلا منعفة، بل حرام عندنا، قبل الذر وما فوقه، مما لا يؤذي. وحرام إضرار الدواب وإيلامها وضربها، والحمل عليها فوق طاقتها، إلا ضربها لسوقها، بقدر ما تعرف أنها تساق بذلك. وهذا الباب منه شيء عن قومنا. وهذا التعويض يسأل عنه. وبالله التوفيق.
الباب الرابع والستون والمائة
في إيلام الدواب والبهائم والأطفال
مخ ۱۴۱