133

نور

النور لعثمان الأصم

ژانرونه

زعم أهل الضلال أن يوم القيامة ينصب الله للخلق ميزانا، يزن فيه أعمالهم وأن سعة كفة الميزان، سعة السموات والأرض. وطول عمود، كطول الدنيا. واحتجوا بقوله - عز وجل - : { فمن ثقلت موازينه } الآية. وأنكر هذا المسلمون. وقالوا: إنما الوزن هو مجازة البارئ - عز وجل - على الأعمال. وذلك في اللغة، كما قال الشاعر:

... إني وزنت الذي يبقى ليعدله ... ما ليس يبقى والله ما اتزنا

إنما أراد التمييز ما يبنهما والتأويل، لا أنه وزن ذلك بميزان. ألا ترى إلى قول الرجل لصاحبه: زن مجلسك. ولا يطيق أن يزن المجلس، وزن كلامك ولا يطيق أن يزن كلامه، لأنه عرض. فإذا تكلم به، لم يقدر عليه ليزنه. وإنما يريد التأمل والنظر والتسيير والحق.

وقوله تعالى: { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } أي نضع العدل. يعرف عباده أن عنده لهم حقائق العدل، وأنه لا يظلم الناس شيئا, وهو الحكم بينهم يوم القيامة والفصل. وقوله تعالى: { فلا نقيم لهم يوم القيامة زونا } يعنى لا نتقبل منهم يوم القيامة إيمانا، كما قال تعالى: { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } فالوزن في هذا الموضع: الإيمان، لا أن هناك

ميزانا، كما زعموا. وإنما قال الله تعالى: { والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه } يعني من جاء بالإيمان والإخلاص { ومن خفت موازينه } يعني إذا جاء بالكفر. وإنما المعنى: أن الناس يجازون على أعمالهم، بالحق والقسط والعدل.

وقال بعض المسلمين: هو مقابلة الأعمال بالأعمال. وقد قال الله تعالى: { الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان } فقد رأينا الكتاب، ودلونا بالميزان. أين أنزله، إن كان كما ذكرتم. وهذا موجود في اللغة. قال الشاعر:

... وزن الكلام إذا نطقت فإنه ... ... يبدى عيوب ذوي الكلام المنطق

والكلام عرض لا يوزن بميزان وإنما مراده التأمل والمجازاة.

مخ ۱۳۳