قال المؤلف: ولا أقول: إن الله يقضي بين الدواب كما قال قومنا: تنطح الجماء يوم القيامة القرناء، بما نطحتها في دار الدنيا؛ لأن الدواب ليسوا بمكلفين، حتى يقضى بينهم ويحاسبوا ويقتص منهم. وهذا شيء لا يصح في جهة البارئ - عز وجل - يعاقب من لا تكليف عليه. ويحاسب ويقتص ويحكم، بين من لم يأمره في الدنيا وينهاه، كالمكلفين من الثقلين. وإنما قيل: إنهم يحشرون يوم القيامة فما استحسن منهم أهل الجنة، كان في الجنة ثوابا لأهل الجنة. والباقي في النار، يكونون عذابا لأهل النار. ولا عذاب على البهائم. والله أعلم.
وقيل: إن البهائم يدخلون الجنة بالأعواض، في قول أبي محمد، لأن أبا محمد قال: إن المكلفين يدخلون الجنة بالتفضيل والعمل. والأطفال يدخلون الجنة بالتفضيل. والبهائم هم الذين يدخلون الجنة بالأعواض.
وقال: فالبهائم والحشرات، وجميع ما يجري هذا المجرى، لا عقاب عليهم. ولا تدخل الجنة بالتفضيل، فلم يبق إلا بأعواض.
قال المؤلف: فإن قيل: كيف يدخل الجنة المكلفون بالتفضيل، وهم قد استحقوه بعملهم؟ لو كان كذلك، لكان كل من دفع إلى أجير أجرته، فقد تفضل عليه؟
قيل له: إن الأجير، قد نفع المستأدجر بعمله، كما نفعه المستأجر بأجرته. والمكلفون لم ينفعوا الله تعالى بشيء، إنما كلفهم الله لينفعهم. فهذا فرق بين ذلك وبالله التوفيق.
الباب السادس والأربعون والمائة
في الشفاعة ومن يستحقها
قال المؤلف: الشفاعة حق ولكنها للمؤمنين الذين رضي الله عملهم؛ لقوله تعالى: { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } وقال: { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } وقال سبحانه: { يؤمئذ لا تنفع الشفاعة إلا لم أذن له الرحمن ورضي له قولا } .
مخ ۱۳۱